قوة عسكرية عربية موحدة: الإيجابيات والسلبيات
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

• من بين النتائج المباشرة للتغيرات في سياسة الولايات المتحدة الشرق أوسطية ولا سيما  الخطوات المتعلقة بتغيير توجه العلاقات مع إيران، تزايد الإحساس لدى الحلفاء التقليديين العرب للولايات المتحدة بأنهم لا يستطيعون بعد اليوم الاعتماد على أميركا في قضايا الأمن. وإذا أضفنا إلى ذلك تنظيم داعش، والفوضى التي تسود الشرق الأوسط، وعدم الوضوح بشأن مستقبل سورية، فجميع هذه الأمور وانعكاساتها الاستراتيجية أدت إلى قرار الجامعة العربية تشكيل قوة عربية عسكرية موحدة بسرعة. 

• وقبل أسبوعين جرى اجتماع في القاهرة ضم رؤساء أركان مصر والسعودية والأردن والكويت واتحاد الإمارات العربية، وتقرر تشكيل قيادة عسكرية موحدة. وسيكون على زعماء الدول العربية درس كيفية تحقيق هذا القرار على الأرض حتى نهاية حزيران/يونيو، ويمكن افتراض أنه ليس الجميع في واشنطن متحمسين  لهذه المبادرة الاستراتيجية العربية (ولو لأنها تدل بصورة واضحة على التحفظ من الخط السياسي الذي تنتهجه الإدارة الأميركية في موضوع إيران ونيتها التوصل إلى اتفاق معها في الموضوع النووي). 

• رداً على ذلك قررت واشنطن العمل على خطين: أن تبارك رسمياً القرار الذي اتُخذ في القاهرة، ومع ذلك، التلميح لأطراف عربية مختلفة بأنه لا حاجة الى هذه القوة لأن أميركا لا تنوي سحب يدها مما يجري في الشرق الأوسط وهي مصرة على إثبات ذلك من خلال تزويد كثيف للجيوش العربية بالسلاح ووسائل القتال المختلفة.

• وبالاستناد إلى تقرير نشرته الأسبوع الماضي صحيفة "واشنطن بوست" المعروفة بعلاقاتها الجيدة مع المؤسسة الأمنية في الولايات المتحدة، فإن الإدارة تفكّر في أن تعرض على السعودية ودول الخليج الأخرى وسائل قتال متطورة حصلت عليها حتى الآن إسرائيل فقط. كما وقعت فرنسا في الفترة الأخيرة صفقة سلاح ضخمة مع قطر تحديداً.

• ومن الواضح أن لجميع هذه التطورات انعكاسات محتملة، سياسية وأمنية، على دولة إسرائيل، منها ما هي إيجابية ومنها ما هي سلبية. فمن الناحية الايجابية يبدو مرة أخرى أن لقلق إسرائيل من الاتفاق النووي الآخذ في التبلور مع إيران شركاء هم حلفاء الولايات المتحدة من الدول السنية العربية. ومن هذه الزاوية هناك جبهة موحدة بحكم الواقع (de facto) وغير رسمية تربط بين القدس والرياض والقاهرة وعمان. وما وصفه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأنه "هيستيريا"، إنما هو النظرة العميقة لأغلبية دول المنطقة إلى الخطر الإيراني. لقد تطرق رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى هذا الاجماع الإقليمي في الخطاب الذي ألقاه في اللطرون بمناسبة مرور 70 عاماً على الانتصار على النازية، وتوقف أمام الفرصة المحتملة التي ينطوي عليها هذا الاصطفاف من أجل التقدم نحو تسوية في الموضوع الفلسطيني. وفي هذا السياق ينبغي التذكير، ولو أن الأمر ما يزال نظرياً، بأن أحد مطالب إسرائيل الأساسية لقيام دولة فلسطينية مستقلة هو امتناعها عن عقد اتفاقات ذات طابع عسكري مع دول أخرى، وليس أن تكون منزوعة السلاح فقط.

• لا تستطيع إسرائيل أيضاً تجاهل احتمال، سواء إذا تحققت خطة اقامة جيش عربي موحد أو إذا كان المقصود تزويد الجيوش العربية بالسلاح والعتاد بصورة واسعة النطاق، أن تكون النتيجة سلبية في ظروف معينة مع أخذ  الوضع غير المستقر في منطقتنا في الاعتبار.

• لقد تعهدت واشنطن دائماً بأن لا تمس زيادة القوة العسكرية لدول عربية تفوّق إسرائيل العسكري النوعي، وهي تنوي المحافظة على ذلك (وهي ملزمة بذلك حسب قرار الكونغرس لسنة 2008)، لكن كما تبين في الماضي ثمة ثغرات في هذه التعهدات. 

• إن الولايات المتحدة ليست مضطرة الى أن تأخذ في اعتباراتها الاستراتيجية خطراً عسكرياً من جانب جارتها كندا أو المسكيك. لكن إسرائيل لا تستطيع ألا تأخذ في حسابها الوضع القابل للتغيّر في الشرق الأوسط وجميع التطورات المحتملة، حتى مع دول وقعت معها اتفاقات سلام، فكم بالأحرى إذا كان المقصود جيشاً عربياً موحداً يشمل عدة دول. إن جيشاً أقيم من أجل كبح نيات إيران التوسعية وعملائها في سورية ولبنان وسيناء واليمن أمر ايجابي، لكن يجب ألا ننسى أن ما يبدو مؤكداً وثابتاً قد يكون موقتاً.