اختبار للأسد ولحزب الله
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•لم تردّ مصادر رسمية في إسرائيل على ما نشره الإعلام العربي عن هجوم نفذه سلاح الجو في سورية. وحتى الآن، فإن النظام السوري والناطقين بلسان حزب الله لم يقولوا شيئاً. فتغيير قواعد اللعبة الذي قام به نصر الله والأسد والإيرانيون يضعهم أمام اختبار غير بسيط وفي وقت عصيب بالنسبة إليهم.

•لقد تحدثت قناة "الجزيرة" القطرية التي تملك مصادر جيدة في المنطقة، عن مهاجمة "منشآت سلاح استراتيجي" في معسكرات للجيش [السوري] ومخازن لوجستية كبيرة شمالي دمشق. كما تحدثت قناة "العربية" عن مهاجمة صواريخ سكود من الطراز الحديث وأهداف أخرى تقع غربي دمشق في منطقة مرتفعات القلمون القريبة من الحدود اللبنانية - السورية. وتعتبر هذه المرتفعات معابر استراتيجية وطريقاً يربط بين العاصمة السورية وسهل البقاع اللبناني، وهي واقعة تحت سيطرة حزب الله. وتشهد الطرقات الترابية لهذه المنطقة الجبلية عمليات تهريب كثيفة، وهي لا تنحصر بتهريب سلاح استراتيجي من سورية وإيران إلى حزب الله، بل هناك أيضاً عمليات تهريب في الاتجاه المعاكس. فالثوار الإسلاميون السنّة يحصلون من لبنان على سلاح ومقاتلين عبر معابر التهريب في جبال القلمون. وهذا هو سبب القتال بين الطرفين للسيطرة على المعابر الجبلية في منطقة القلمون التي تنتقل من سيطرة طرف إلى آخر.

•لقد أقام حزب الله مواقع له في الجانب اللبناني من أجل ردع الثوار عن عبور الحدود، ومن أجل تأمين سلامة محاور التنقل والتزود من سورية. لكن التنظيمين الأساسيين للثوار السوريين، أي جبهة النصرة وداعش، يضعان خلافاتهما جانباً ويتعاونان معاً من أجل محاربة حزب الله والجيش السوري في المنطقة. ويسمح الوجود الكثيف للثوار في مرتفعات القلمون بالحصول على معلومات مهمة وموثوقة لما يجري في المنطقة ويسرّبها بصورة خاصة إلى وسائل الاعلام العربية السنية.

•في جميع الأحوال، فالصمت الذي يسود لدى الطرفين [حزب الله وسورية] تعبير عن "هامش الإنكار" الذي يسمح للجميع بالامتناع عن رد متسرع، وبدرس الخطوات اللاحقة من دون ضغط كبير من جانب الإعلام والرأي العام.

•لإسرائيل مصلحة واضحة في المحافظة على الصمت الإعلامي وعدم التسبب بعملية انتقام قاسية يمكن أن تؤدي إلى تصعيد كبير، فإذا كان ما جرى إنجازاً عسكرياً لإحباط شحنة سلاح، فإن التلميح الردعي قد استوعب من دون تصريحات علنية.

•ومن مصلحة النظام السوري وحزب الله أيضاً الحؤول دون التدهور، فالأسد الذي يخوض حرباً أهلية حريص على بقائه، ونصر الله لا يريد تحويل لبنان إلى أنقاض في مواجهة مع إسرائيل؛ والإيرانيون يريدون أن تبقى ترسانة الصواريخ التي لدى الأسد ونصر الله في خدمتهم إذا هوجمت منشآتهم النووية.

•في نهاية 2014 بدأ حزب الله بالرد بموافقة من الإيرانيين على العمليات التي نسبت إلى الجيش الإسرائيلي وأدت إلى إصابة عدد من عناصره ومعدّاته. ولم يغير حزب الله قواعد اللعبة فحسب، بل وسّع جبهة المواجهة إلى خط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسورية في هضبة الجولان. وكان الهدف السماح للحزب بحرية عمل أكبر ضد إسرائيل لا يملكها في لبنان.

•حدثت نقطة التحول في كانون الثاني/يناير هذه السنة عندما قامت إسرائيل، استناداً إلى تقارير أجنبية، بمهاجمة وقتل ستة من أفراد دورية من القياديين كانت بصدد تحضير جبهة عمل نشطة ضد إسرائيل في الجولان، وكان بين القتلى جهاد مغنية وجنرال إيراني. لم يتردد نصر الله وفقاً لسياسته الجديدة، وبعد أسبوع، في مهاجمة مركبات عسكرية إسرائيلية في منطقة هار دوف [مزراع شبعا]. وفي إثر مقتل جنديين قررت إسرائيل "احتواء" الحادثة.

•لم يحدث التدهور، لكن بعد أحداث كانون الثاني/يناير 2015 كان واضحاً أن ما كان قائماً لم يعد موجوداً. كما كان واضحاً أن العملية المقبلة لإحباط تهريب سلاح استراتيجي ستكون بمثابة اختبار للسياسة الجديدة لإطلاق النار لكل من حزب الله وسورية. وإذا كانت إسرائيل هي من قام بالهجوم، فمعنى ذلك أن ساعة الاختبار حانت.

•لكن حزب الله وكذلك سورية بصورة خاصة، يواجهان اليوم مشكلة خطيرة ستجعل من الصعب عليهما الرد، إذ تتحدث التقارير الأخيرة القادمة من شمال سورية عن سيطرة جبهة النصرة على بلدة أساسية في منطقة إدلب هي جسر الشغور المشرفة على المعبر الجبلي الحيوي المؤدي إلى مدينة اللاذقية التي تسكنها أغلبية شيعية وتعتبر المعقل الأساسي لنظام الأسد وأبناء طائفته العلوية. والسيطرة على هذا الطريق من إدلب يمنح الثوار السنة تفوقاً استراتيجياً كبيراً ويهدد حرفياً بإسقاط النظام.

•لذا يمكننا فهم الصمت، فالرد الإعلامي سيفرض أعمالاً تؤدي إلى مواجهة مع إسرائيل، وهذا ليس مطروحاً الآن على جدول أولوياتهم. ومن المحتمل أن تكون إسرائيل شعرت بأزمة النظام في شمال سورية وأدركت أن هذا هو الوقت الملائم للقيام بما كان يجب عليها أن تقوم به منذ وقت. لكن يتعين علينا الآن أن نتذكر أن غياب رد مباشر لا يعني أن السوريين وحزب الله لن ينتظروا الوقت الملائم مستقبلاً للرد.