قرار المحكمة العليا هو بمثابة حظر لحرية التعبير
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إن قرار المحكمة الإسرائيلية العليا الصادر بفارق صوت واحد، برفض التماس [قدمته مؤسسات حقوق إنسان] ضد "قانون المقاطعة"، قرار مؤسف. ومع أن المحكمة العليا ألغت بنداً فرعياً في القانون يتيح لمقدّمي الشكاوى تلقي تعويضات مالية من دون حاجة لإثبات أن الدعوة للمقاطعة ضد هيئات مرتبطة بإسرائيل أو لمنطقة تحت سيطرة إسرائيل، تسبّبت بأي ضرر مادي، إلا أن هذا لا يكفي. كان يجدر بالمحكمة العليا إلغاء كل بنود القانون التي تحوّل الدعوة إلى مقاطعة [إسرائيل] إلى جنحة يعاقب عليها بفرض غرامات مالية تعويضاً عن الأضرار.

•إن الدعوة الى المقاطعة لدواعٍ سياسية وسيلة سياسية مشروعة. ولمزيد من التوضيح، فإن الدعوة لا تستدعي تأييد المقاطعة، بل على العكس، فإنه يمكن معارضتها بقوة. وعليه، فهي جزء من حرية التعبير السياسي الذي هو نوع من حرية التعبير يشكل الدفاع عنه أمراً حيوياً للغاية، ولا سيما عندما يكون المقصود آراء غير شعبية.

•وجاء في حيثيات قرار المحكمة العليا أن الدعوة للمقاطعة باستثناء البند الملغى، تُلحق بحرية التعبير [فرض مواقف سياسية على إسرائيل] ضرراً نسبياً من أجل غاية نبيلة. لكن النتيجة هي إمكانية المطالبة بتعويض عن الأضرار ليس فقط ضد كل من ينادي بمقاطعة إسرائيل، وإنما ضد كل من ينادي بمقاطعة منتجات المستوطنات. ولذلك، هناك تأثير مخيف واسع النطاق على الخطاب السياسي. فهل ستُقدّم غداً دعاوى قضائية ضد الممثّلين الذين سوف يَدْعون زملائهم لمقاطعة مسرح [مستوطنة] أريئيل، إذا جرى إلغاء العرض المسرحي بسبب هكذا مقاطعة؟ وحتى إذا كان الطريق للفوز بهكذا دعوى قضائية طويل، غير أن المقصود هو قانون لكمّ الأفواه بحكم أنه يؤدي إلى ملاحقات قضائية.

•ودفاعاً عن "قانون المقاطعة"، قارنته المحكمة العليا بقوانين مكافحة التمييز العنصري. لكن هذه الحجّة غير مقنعة. ينبغي مكافحة التمييز بين البشر بسبب الأصل الإثني، والمواقف السياسية، وأسباب أخرى. ولهذا توجد قوانين لمكافحة التمييز تضمن أن لا تتحول مقاطعة ما إلى تمييز ضد أفراد لأسباب خاطئة.

 

•وبشكل أوسع، يشكل قرار المحكمة دلالةً إضافية فضلاً عن قرارات أخرى صدرت هذا الأسبوع- مثل القرار الذي يمنع الأسرى الأمنيين من متابعة دروسهم الأكاديمية- على سلبية المحكمة العليا التي تمتنع عن التدخل في قضايا حقوق إنسان مهمة لظنها أنه عليها الانسحاب أمام السلطة التشريعية والحكومة. وعلى ضوء التشريعات المناهضة للديمقراطية التي من المتوقع أن تُطرح في الكنيست الحالي، فمن المقلق أن تتخذ المحكمة العليا موقفاً مساوماً كهذا تجاه قوانين تمس حرية التعبير على نحو قاس.