من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•يتغير أمام أعيننا أسلوب العلاقات بين الجيش وبيئته السياسية. وأفضل تعبير عن ذلك التحذيرات الصادرة عن مسؤولين كبار في الجيش بشأن الخسائر الكبيرة التي يمكن أن تتكبدها الجبهة الداخلية في الحرب المقبلة مع "حماس" وحزب الله.
•وتمتاز هذه الظاهرة بميزات غير مسبوقة منها أولاً؛ أن قادة الجيش يعترفون أمام الجمهور بانخفاض حجم الأمن الذي يقدمونه لهم. فمن المعلوم أن الأمن يقاس إلى حد بعيد بالقدرة على المحافظة على حياة المدنيين، واليوم يعترف قادة الجيش بأن الأمن الذي يقدمونه أصبح أقل. وقد برز هذا بوضوح في تصريحات قائد سلاح الجو عندما قال: "لا نستطيع الدفاع بصورة كاملة عن دولة إسرائيل وسوف نتعرض للإصابة". السـمة الثانية لهذه الظاهرة هي أن العسكريين لا يكتفون بما يقولونه للمسؤولين السياسيين عنهم في النقاشات المغلقة، بل يتحدثون علناً عن وجود ثغرة بين توقعات الجمهور وقدراتهم.
•في الإمكان تفسير هذا السلوك على أنه جزء من صراع الجيش من أجل الحصول على المزيد من الموارد. إذ كلما يدرك الجيش أن السياسيين لا يدافعون عنه بصورة فعالة في وجه الهجوم العام على موارده، نراه يلتف على السياسيين ويتوجه مباشرة إلى الجمهور من خلال عرض التهديدات. وهذه ظاهرة معروفة منذ التسعينيات، لكن الجديد اليوم هو حديث الجيش عن تقديم أمن أقل ومحاولته خفض التوقعات المنتظرة منه، ولا سيما بعد الانتقادات التي وُجهت إليه في أعقاب عملية "الجرف الصامد" بسبب عدم خروجه من حرب غزة بنتائج تزيد من مستوى الأمن.
•وهنا نصل إلى السـمة الثالثة غير المسبوقة، ففي الماضي عرف العسكريون حدود استخدام القوة، وبرز ذلك عندما طالبوا بأول انسحاب من لبنان [بعد الغزو الإسرائيلي سنة 1982]، كما طالبوا بضبط النفس في الانتفاضة الأولى [سنة 1987]، وبتسوية في هضبة الجولان، وحتى بتأجيل الهجوم الجوي على المنشآت النووية في إيران. لكن في مناسبات أخرى، عرف الجيش كيف يعرض فوائد استخدام القوة في مقابل بدائل أكثر اعتدالاً، والتعهد بتحسين الأمن "إذا سمحوا للجيش بأن ينتصر". الجديد هذه المرة الجمع بين الأمرين: فالجيش يبعث رسالة مفادها وجود حدود لقوته، وبسبب هذه الحدود يريد تحضير الرأي العام للتضحية مستقبلاً لكون تلك التضحية ضرورية من أجل تحقيق النصر.
•قال قائد فرقة غولاني العميد موني كاتس في مقابلة أجراها معه الموقع الإلكتروني "والاه": "ستقع حرب جديدة عندما نكون في وضع لا مفر منه..، وهذا الشعب مستعد لأن يدفع أثماناً باهظة جداً..، وإذا استخدمت دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي قدراتهما الكاملة في لبنان، فإن لا شيء سيقف في وجهيهما... ولبنان سيعود 200 سنة إلى الوراء".
•هذا هو أسلوب الجيش الإسرائيلي في التعبئة المباشرة للمجتمع على الحرب، على الرغم من أن هذا يعتبر خروجاً عن مهمة الجيش في ظل حكم مدني. نراه لا يترك هذه المهمة للسياسيين انطلاقاً من الافتراض بأن سقوط ضحايا أو الخوف من سقوطها، سيقيد حرية حركته ويصوّر أنه فشل في مهمته.
•لكن هذا الخروج لا يتوقف عند هذا الحد، وبذلك نصل إلى السـمة الرابعة، فإن تحذيرات العسكريين تخدم في الحقيقة تخدم سعي السياسيين (من اليمين والوسط) إلى حرمان الجمهور حق الاختيار في المستقبل، وهي تصورالحرب كظاهرة لا مفر منها، وأن احتمالات نشوبها مرتبطة بقدرة أعداء إسرائيل على استيعاب الضرر الذي تستطيع هي إلحاقه بهم. وهكذا تبدو إسرائيل لاعباً سلبياً ليس في مقدروه أن يفعل شيئاً لمنع الحرب.
•إن مبادرة السلام العربية، وتشجيع التسوية بين إيران والغرب، وإعادة إعمار قطاع غزة، كل هذا لا يشكل جزءاً من خيارات إسرائيل السلبية.
•والجديد هنا هو مساهمة الجيش الإسرائيلي في إسكات النقاش السياسي خدمة لحساباته، ومن خلال خروجه عن القيم المعروفة التي تفرض فصل الجيش عن السياسة.