معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
•الحكومة الجديدة في إسرائيل لم تُشكَّل بعد، لكن وسائل الإعلام في إسرائيل وفي العالم تتوقع أن تصطدم هذه الحكومة بالمجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة. وفي ضوء الأيديولوجيا المشتركة بين أعضاء الائتلاف المنتظر، ونظرتهم إلى النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، فإن هذا التوقع يبدو منطقياً.
•إن الموضوعات الثلاثة التي ستسيطر على جدول أعمال إسرائيل الدولي خلال الأعوام المقبلة حتى مغادرة الرئيس أوباما البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير 2017 هي: النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني؛ برنامج إيران النووي؛ استمرار عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وانعكاسات ذلك على أمن دولة إسرائيل.
•وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة نتنياهو تراجع عن تصريحه الذي أظهر من خلاله أنه تخلى عن التزامه بحل الدولتين، فإنه ليس من المتوقع أبداً أن تبدي الحكومة المقبلة استعدادها لإجراء مفاوضات بشأن حل شامل للنزاع.
•وبعد إعلان نتائج الانتخابات في إسرائيل، عبّر الرئيس أوباما عن تفضيله الواضح لحل الدولتين لدى تطرقه إلى المسألة في أثناء المحادثة الهاتفية مع نتنياهو لتهنئته على إعادة انتخابه. وأضاف الرئيس أوباما: "علينا درس أي بدائل أُخرى مطروحة من أجل ضمان عدم انجرار المنطقة إلى حالة من الفوضى." وقد أثار هذا التصريح تقديرات تفيد بأن الولايات المتحدة بصدد درس تبنيها قراراً جديداً في مجلس الأمن يعالج جميع المشكلات الأساسية للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، أو إعلان نشر نسخة جديدة من خطة كلينتون لسنة 2000، تستند إلى المساعي التي بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال 2013-2014 من أجل التوصل إلى حل. وهذه أفكار سبق أن ناقشتها الإدارة الأميركية بعد انهيار المفاوضات بقيادة كيري، وهي تعود لتُطرح من جديد اليوم.
•وسواء جرى تبني هذه الأفكار أم لا، فإن هذا لن يحقق النتيجة المنتظرة لأن إسرائيل والفلسطينيين ليسوا مستعدين في هذا الوقت للعودة إلى طاولة المفاوضات والموافقة على إطارها العام، ولأن الطرفين غير مستعدين، بل حتى غير قادرين، للتوصل إلى اتفاق بعيد المدى بشأن موضوعات النزاع الجوهرية كافة.
•واستناداً إلى هذا الافتراض، أي الصدام المنتظر بين إسرائيل والمجتمع الدولي بسبب فشل إحراز تغيير في الوضع القائم، فإن على الولايات المتحدة أن تدرس مع الحكومة الجديدة في إسرائيل خطة عمل مكونة من ثلاث فئات تندرج تحت كل منها خطوات ثنائية إسرائيلية - فلسطينية هي التالي:
1-خطوات مباشرة تشمل استئناف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل؛ مواصلة التعاون الأمني؛ الموافقة على إعادة إعمار قطاع غزة؛ امتناع إسرائيل من البناء في المستوطنات وبالطبع خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، في مقابل تعليق التحرك الفلسطيني الأحادي الجانب ضد إسرائيل في المؤسسات الدولية.
2-إجراء نقاشات ثنائية إسرائيلية - فلسطينية بشأن خطوات تُتخذ في المدى القصير والمتوسط، مثل تسريع النشاطات الاقتصادية الفلسطينية على الأرض.
3-إجراء نقاشات في مسار منفرد بشأن صوغ ورقة عمل بين الولايات المتحدة، باسم اللجنة الرباعية، وإسرائيل والفلسطينيين. وإذا حظيت خطة العمل هذه بموافقة إسرائيل والفلسطينيين فإنه يمكن دعمها بواسطة قرار من مجلس الأمن يطالب بإقامة دولة فلسطينية بالتوافق كجزء من حل الدولتين.
•لقد نشب الصدام بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن موضوع إيران قبل معرفة نتائج الانتخابات النهائية في إسرائيل، ومن المحتمل جداً أن يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر كبير بعلاقات الدولتين القائمة منذ أكثر من خمسين عاماً. لقد أغضب رئيس الحكومة نتنياهو، ولو عن غير قصد، الرئيس أوباما عندما انتقد علناً أمام الكونغرس الاتفاق الذي تتفاوض عليه الولايات المتحدة مع إيران، وهو، على ما يبدو، ينوي مواصلة التعبير عن انتقاداته للاتفاق الذي تجري بلورته بين الطرفين.
•يتعين على الحكومتين [الإسرائيلية والأميركية] إجراء نقاشات سرية من أجل بحث هذه التطورات وغيرها مثل حدوث خروقات إيرانية مستقبلية. وهذه النقاشات لن تطوي صفحة الانتقادات الإسرائيلية للاتفاق مع إيران، إذا ما جرى التوصل إليه، لكنها ستساعد في المحافظة على التعاون والتفاهمات بين الحكومتين.
•إن انهيار التركيبة التقليدية للشرق الأوسط يطرح تحديات مهمة لاستقرار إسرائيل على المدى الطويل، مثلما يضر باستقرار الدول المجاورة لها، ويسمح بتحول مناطق واسعة في المنطقة إلى موطن للحركات الإسلامية الأصولية التي هدفها المعلن هو استبدال فكرة الدولة بفكرة الخلافة التي زالت من العالم. وهذه الحركات الإسلامية تشكل خطراً على حلفاء آخرين للولايات المتحدة في هذه المنطقة أيضاً، وتهدد بتدمير النظام العالمي، وتعرض استمرار تدفق الطاقة من هذه المنطقة إلى العالم للخطر، الأمر الذي ربما يتسبب بانهيار دول تملك عوائد ماليه ضخمة. ومن هنا فإن تعاوناً استراتيجياً بين الولايات المتحدة بصورة خاصة، وبين أوروبا ولاعبين دوليين آخرين من جهة، وبين إسرائيل من جهة ثانية، هو أمر مهم جداً.
•من الواضح أنه في ظل الأوضاع السائدة حالياً، فإن إسرائيل لا تستطيع، مثلما أنه لا يتوجب عليها، أن تكون جزءاً من الائتلاف الذي يحاول طرد داعش. لكن على الرغم من ذلك، فعندما يكون الاستقرار في منطقتنا مهدداً، فإن على إسرائيل إظهار تدخل في هذا المسعى. والوضع الذي صورناه سابقاً يفرض وجود حوار استراتيجي جار ومستقل وربما منفصل بصورة كاملة عن المشكلة الإسرائيلية - الفلسطينية، وعن المشكلة الإيرانية.
•سيكون على رئيس الحكومة نتنياهو أن يضع نصب عينيه استقرار حكومته العتيدة في مقابل المخاطر تتعلق التي ينطوي عليها الوفاء بالوعود التي أُعطيت خلال فترة المعركة الانتخابية، سواء من جانب حزبه أم من جانب شركائه الآخرين في الائتلاف. ونقترح على الائتلاف الحكومي عندما يضع جدول الأعمال الدولي المستقبلي للحكومة، أن يضمّنه خطة يلتقي خلالها رئيس الحكومة بزعماء الدول التي تشكل لاعباً أساسياً في الساحة الدولية من أجل مناقشة التوقعات والقيود والاحتمالات، على أن تكون محطته الأولى واشنطن، وليس بالضرورة الكونغرس.
•المحطة الثانية التي جرى إهمالها حتى الآن يجب أن تكون بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. فالاتحاد الأوروبي ليس أكبر شريك تجاري لإسرائيل فحسب، بل إنه يمثل جبهة دول أكبر كثيراً من مجموع أعضائه أيضاً. فثمة أيضاً رياح سيئة تتعلق بموضوعات مثل المقاطعة والعقوبات والعداء للسامية تهبّ من جانب هذه الدول التي من المفترض أن تشكل الجبهة الخلفية الثقافية والاقتصادية لإسرائيل. إن أوروبا اليوم تبحث عن حلول لبعض مشكلات أساسية تتعلق بهوية وطابع وصورة جديدة لعلاقتها مع جيرانها، وعلى إسرائيل أن تشكل جزءاً من هذه العملية.
•ثمة محطة مهمة أُخرى هي عاصمتا الدولتين المجاورتين لنا: عمّان والقاهرة.