سلاح التحريض الذي استخدمه نتنياهو للفوز في الانتخابات زاد الانقسام بين الإسرائيليين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•فاز بنيامين نتنياهو في الانتخابات فوزاً ساحقاً، وجميع التحفظات لن تغير من حجم فوزه. لقد تغلب نتنياهو على المزاج العام  ضده، وعلى الاستطلاعات، وحتى على العينات النموذجية من التصويت في صناديق الاقتراع. وبعد فوزه ستصبح دولة إسرائيل أكثر يمينية وأقل مدنية مما كانت عليه في الماضي.

•لم يحصل نتنياهو على 30 مقعداً بسبب تهاوي نفتالي بينت وفشل أفيغدور ليبرمان فقط. ومن المعروف أن حزب يوجد مستقبل وميرتس تراجع تمثيلهما أيضاً بالمقارنة مع توقعات استطلاعات الرأي، لكن المعسكر الصهيوني لم يكبر. لذا لا مفر من الاستنتاج أن جزءاً صغيراً من ناخبي يوجد مستقبل والمعسكر الصهيوني انتقل إلى صفوف الليكود في اللحظة الأخيرة.

•تحضرني هنا مقارنة تثير القشعريرة مع ما أقدمت الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية. في حربها مع اليابان لم تجد الولايات المتحدة سبيلاً لإنهاء الحرب سوى استخدام سلاح "الدمار الشامل" أي إلقاء قنبلة نووية على هيروشيما وناغازاكي سنة 1945، مما أدى إلى حسم الحرب. هل يمكننا المقارنة بين الأمرين؟ هناك كان ذلك سلاح للإبادة الجماعية، وهنا  ما جرى انتصار انتخابي مفاجئ لرئيس الحكومة. لم يهدد نتنياهو مواطنيه بالسلاح، لكنه لم يتردد في استخدام سلاح "الدمار الشامل". ومن أجل إحداث هزة سياسية نسي نتنياهو مسؤوليته بوصفه زعيماً لجميع مواطنيه وتصرف كآخر المحرضين وأعظمهم موهبة.

•في نظري سلاح "الدمار الشامل" في هذه الحال هو تقويض التوازن الهش في المجتمع من خلال التحريض على النصف الآخر من الشعب من خلال تصوير يتسحاق هيرتسوغ وتسيبي ليفني وكأنهما يتحالفان مع العرب من أجل إسقاط حكم الليكود، وتصوير ناخبي هيرتسوغ ويائير لبيد وبالتأكيد ناخبي زهافا غلؤون، وكأنهم حلفاء محتملين لأعدائنا العرب، ومن يصوت لهم فإنما يصوت إلى جانب تحالف اليسار المخيف والمتطرف وإلى جانب العرب الذين يتطلعون إلى تدميرنا. 

•في يوم الانتخابات استخدم هذا السلاح ليس من جانب باروخ مارزل أو ليبرمان، بل من جانب رئيس الحكومة الذي بدأ يحذر من إقبال العرب الكثيف على التصويت، في حين تحدث مساعدوه عن تصويت العرب بنسبة ثلاثة أضعاف إلى ما قبل. وصوّر رئيس الحكومة 20% من سكان الدولة وكأنهم غير شرعيين ويجب انقاذ اليمين منهم. وتحوّل هيرتسوغ الصهيوني صاحب المواقف المعتدلة، في نظر نتنياهو إلى يساري متطرف يتعاون مع العرب من أجل تشويه هوية الدولة اليهودية - الصهيونية. لقد نجح هذا الاستخدام لـسلاح "الدمار الشامل" في تحقيق الانتصار على الخصم، لكنه ترك وراءه مجتمعاً إسرائيلياً نازفاً وممزقاً.

•لا أعتقد أن نتنياهو كان قادراً على الفوز في الانتخابات من دون هذا السلاح، لكن حتى استخدامه لا يفسر الظروف العميقة وراء هذا الفوز. قبل أقل من عام جرت عملية "الجرف الصامد"، وكانت الأجواء في الشارع ضد العرب و"اليساريين"  كثيفة ومخيفة. ومنذ ذلك الحين اعتقدنا لوهلة أننا شفينا من إسرائيل المثيرة للفتن والعنصرية. لكن في أعماق النفوس انتشرت المواقف  كهذه من دون التعبير عنها بوضوح وبصورة بارزة، إلى أن جرى استخدام سلاح "الدمار الشامل" الذي مغزاه "لن نمتنع عن استخدام أي شيء من أجل أن ننتصر" على اليسار الخائن (هيرتسوغ؟) وعلى العرب الذين ليسوا مواطنين شرعيين وهم يتطلعون إلى تدميرنا.

 

•في الخلاصة انتصرت العنصرية. ويستطيع ياريف ليفين أن يعد قائمة القوانين التي يريدها، كما يستطيع ليبرمان البدء في تطهير صفوف المحكمة العليا.