اعتراف برلمانات الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية تسونامي سياسي تواجهه إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

•في حزيران/يونيو 1967 حققت إسرائيل أكبر انتصاراتها العسكرية. وبعد مضي ثلاثة أشهر، ومع اتخاذ مجلس الأمن القرار 242، حققت إسرائيل إنجازاً سياسياً بالغ الأهمية يختلف عما جرى سنة 1956 عندما طُلب من إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في معركة قادش [العدوان الثلاثي على مصر في تشرين الأول/أكتوبر 1956] من دون سلام ومن دون تسوية ومن دون اعتراف بها من جانب الدول العربية. وفي 1967 وافق المجتمع الدولي على أن أي انسحاب إسرائيلي من المناطق التي احتُلت في حرب الأيام الستة يجب أن يجري فقط في إطار اتفاق "سلام عادل ودائم" بين إسرائيل وجيرانها.

•استند القرار 242 إلى مبدأ أراض مقابل سلام، وكان غرض واضعي هذه الصيغة أنه في إطار اتفاق سلام ستنسحب إسرائيل من معظم المناطق التي احتلتها. لم يكن المقصود الانسحاب من "المناطق كلها"، وفي الصيغة الإنكليزية (التي تختلف عن الفرنسية) حذفت "ألـ" التعريف، لكن لم يكن هناك شك في روحية القرار. وحتى في سنة 1969 تحدث مشروع روجرز الذي طرحه الرئيس ريتشارد نيكسون، عن تعديلات طفيفة وغير مهمة على حدود 1967، كما تحدثت عن ذلك أيضاً خطة ريغان للسلام [أيلول/سبتمبر 1982].

•وعلى الرغم من ذلك، فإن مبدأ عدم الانسحاب من دون اتفاق على إنهاء النزاع ومن دون اتفاق سلام وحدود دائمة، أي "حدود آمنة" يجب أن تحدد من خلال المفاوضات فقط، كان بمثابة إنجاز مهم لا مثيل له بالنسبة لإسرائيل. وفي الواقع، فإن موقف جميع الحكومات الإسرائيلية بأنه لن يكون هناك أي انسحاب من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] من دون اتفاق سلام أو إنهاء النزاع من خلال مفاوضات مباشرة بين الأطراف، استند إلى هذا المبدأ المهم الموجود في أساس القرار 242.

•ينبع استعداد دول الغرب الديمقراطية وفي طليعتها الولايات المتحدة، لتقديم دعمها القوي والمستمر لهذا المبدأ، من إدراكها أن إسرائيل ترغب في السلام وأن شعبها يريد انهاء النزاع وهو مستعد للقيام بتنازلات بعيدة المدى من أجل هذا الغرض، إلى جانب ادراك أن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.

•يقود محمود عباس حالياً تحركاً يسعى إلى إلغاء هذا المبدأ، واستبدال القرار 242 بقرار جديد يهدف إلى فرض حل على إسرائيل من دون مفاوضات ومن دون إنهاء النزاع. ومع الأسف، فإن هذا التحرك يكتسب زخماً. ولا يمكننا تجاهل واقع موافقة البرلمان تلو الآخر في دول أوروبا الغربية بأغلبية كبيرة على قرارات تدعو إلى الاعتراف من جانب واحد بالدولة الفلسطينية. وثمة تحول نحو الأسوأ في الأجواء العامة، ومكانة إسرائيل الدولية آخذة في التزعزع.

•والسبب الأساسي لذلك ليس أسعار النفط الآخذة في التراجع ولا العداء للسامية فقط، بل الشعور المتزايد في العالم بأن إسرائيل لا ترغب في السلام وأن تصريحات زعمائها بشأن الدولتين لشعبين من قبيل رفع العتب.

•من الصعب ادعاء أن هذا الشعور لا أساس له، إذ يكفي أن نصغي إلى تصريحات نفتالي بينت وأوري أرئيل ووزراء الليكود وأعضائه في الكنيست. ويمكن أن نضيف إلى ذلك اقتراحات القوانين التي تمس بصورة إسرائيل كدولة تلتزم قيم الديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان وسلطة القانون.

•إذا لم تقنع إسرائيل أصدقاءها في العالم بأنها ترغب في السلام، ولو كان الثمن تقديم تنازلات مؤلمة، وأنها تؤمن بقيم الحرية والعدالة والمساواة التي يؤمن بها العالم الديمقراطي، فإننا أمام انهيار ديبلوماسي خطير. قد لا يحدث هذا غداً أو بعد غد، إلا أن العنوان بات على الجدار.

 

 

 

المزيد ضمن العدد 2033