•قدّم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء هرتسي هليفي يوم الأحد أمام الحكومة تقديرات الشعبة السنوية لسنة 2015. ومن ناحية شعبة الاستخبارات احتمال اشتعال الجبهة الشمالية بسبب ما يحدث في سورية ليس ضئيلاً. والتخوف الأساسي هو تحول حدث محلي في مواجهة قوات داعش أو حزب الله في منطقة الهضبة، إلى مواجهة وتبادل كثيف لإطلاق النار. لكن الهجوم الذي وقع بعد ساعات قليلة على تقرير هليفي لا علاقة له بهذا السيناريو.
•فاستناداً إلى التقارير الأجنبية، هاجمت طائرات سلاح الجو عدداً من الأهداف في منطقتين مركزيتين. وعلى افتراض أن هذه التقارير صحيحة، فإن لها علاقة بقواعد اللعبة التي تفرضها إسرائيل منذ بضعة سنوات في عمق لبنان وفي المنطقة المشتركة بين لبنان وسورية.
•واستناداً إلى هذه القواعد تصرح إسرائيل بأنها لن تسمح بنقل وسائل قتالية متطورة من سورية إلى حزب الله في لبنان، لكنها لا تكتفي بالتصريحات وحدها. واستناداً إلى تقارير منشورة نفذت إسرائيل سلسلة طويلة من الهجمات دمرت بواسطتها مخازن للسلاح المتطور مثل صواريخ أرض- جو من طراز أس آي 17، وصورايخ بر- بحر من نوع "ياخونت".
•تدخل هذه الهجمات ضمن إطار ما يسميه الجيش الإسرائيلي "معركة بين الحروب". وفي الواقع، فإن عمليات إحباط تهريب السلاح ذات مغزى استراتيجي وشملت انحاء عدة في العالم، وهجمات من وقت إلى آخر في أفريقيا مثل السودان الذي يشكل محطة في طريق تهريب السلاح من إيران إلى قطاع غزة. ويبدو أن الرسالة بشأن تهريب السلاح من سورية لم يتم استيعابها تماماً ولذا اضطرت إسرائيل، وفقاً للتقارير، إلى ان تهاجم مرة أخرى بالأمس.
•لكن ليست إسرائيل وحدها من يفرض قواعد اللعبة، فهناك حزب الله أيضاً. ففي شباط /فبراير الماضي اتهم الحزب إسرائيل بالهجوم على شحنة للسلاح داخل الأراض اللبنانية، ورداً على ذلك قام بعدد من الهجمات على الحدود الإسرائيلية- في منطقة هضبة الجولان ومن الأراضي اللبنانية. وعلى ما يبدو، بالنسبة للحزب، مسموح لإسرائيل بالهجوم داخل الأراضي السورية وممنوع داخل لبنان.
•وبحسب قواعد اللعبة السائدة في السنوات الأخيرة، يتهم السوريون إسرائيل بالهجمات ضد أراضيها، لكنهم لا يردون عليها. فهم غارقون حتى أعناقهم في حربهم الأهلية.
•لكن قمة العبث أن للنظام السوري ولإسرائيل ولدول غربية أخرى مصلحة مشتركة في تدمير قوات داعش في سورية، ومن هنا مباركة بشار الأسد للهجمات التي تشنها الطائرات الغربية على أراضيه ما لم يكن جيشه هو المستهدف، إنما ليس هذا ما حدث هذه المرة. لكن استناداً إلى تجربة السنوات الأخيرة، فإن الهجوم يوم الأحد لن يتسبب بردّ سوري، ومن الصعب توقع ما سيكون عليه الحدث الذي "سيشعل" منطقة الشمال كلها.