الهجوم المنسوب إلى إسرائيل استمرار للسياسة المتبعة إزاء الحرب السورية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يبدو الهجوم المنسوب إلى سلاح الجو الإسرائيلي ضد هدفين في سورية يوم الأحد، استمراراً للسياسة التي اتبعتها إسرائيل حيال الحرب الأهلية الدائرة في سورية منذ ثلاث سنوات. رسمياً، إسرائيل لا تعترف ولا تنفي مسؤوليتها عن الغارات أو عن القصف. لكن زعماءها حرصوا في مناسبات مختلفة على إرسال رسائل سرية وأحياناً علنية واضحة المضمون. لقد رسمت إسرائيل خطوطاً حمراء في الجبهة الشمالية ضد نقل منظومات سلاح متطور من سورية إلى حزب الله، أو المس بالسيادة الإسرائيلية. وهي مستعدة في مثل هذه الحالات لاستخدام القوة من أجل إحباط نيات الخصم.

•يجيء هجوم اليوم بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي، فمنذ الغارة على جنتا الواقعة في الجانب اللبناني من الحدود في شباط/فبراير الماضي، لم تحدث أي أعمال قصف، أو إذا كانت حدثت عملية مفردة كهذه، فقد حدثت تحت مستوى الرادار. ومن هنا يبدو القصف الأخير استثنائياً لثلاثة أسباب على الأقل: الأول أنه جرى بعد الجهد الذي بذله حزب الله لوضع قواعد جديدة في مواجهة إسرائيل على الجبهة الشمالية؛ وبعد أن غيّر المجتمع الدولي أولوياته بشأن الحرب السورية (في البداية كان الهدف إطاحة الأسد وأصبح اليوم القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية داعش)؛ وهذه هي المرة الأولى التي تتحرك فيها إسرائيل ضد سورية منذ إعلان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الدعوة إلى انتخابات جديدة.

•واستناداً إلى الإعلام الأجنبي فقد شنت إسرائيل ما بين خمس إلى عشر هجمات جوية ضد سورية خلال ما يقارب العامين. وردّت عليها سورية ومعها حزب الله بالتهديدات والتحذيرات، ولكنهما تجنبا الرد بصورة مباشرة على القصف. لكن توازن الردع تغير في شباط/فبراير، فاستناداً إلى المصادر الأجنبية حاولت إسرائيل الهجوم على قافلة تحمل سلاحاً بالقرب من الحدود السورية اللبنانية، وجرى ذلك داخل الأراضي اللبنانية وليس السورية. وفي أعقاب الهجوم وضع حزب الله ثمناً انتقامياً، فكل عملية إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية سيرد عليها. وفي الواقع، قام الحزب بمجموعة هجمات، زرع عبوات ناسفة، وإطلق صواريخ في هار دوف [مزارع شبعا] وفي هضبة الجولان، واعتبرت انتقاماً لهجوم جنتا وعلى حادثين آخرين تسببا بمقتل أعضاء من الحزب، بالإضافة إلى عمليات أخرى نُسبت إلى إسرائيل.

•وعلى صعيد الوضع الداخلي السوري، طرأ تطور كبير في الصيف الأخير عندما شكلت الولايات المتحدة ائتلافاً من دول عربية وغربية من أجل محاربة داعش. وعلى الرغم من كلام البيت الأبيض بشأن ضرورة إطاحة النظام المجرم للرئيس بشار الأسد، فمن الواضح للجميع أن جدول أولويات الإدارة الأميركية تغيّر. فالأميركيون لم يهاجموا ولا مرة واحدة أهدافاً تابعة للنظام طوال أربعة أعوام كان هذا النظام يرتكب فيها مذبحة بحق شعبه. وفي المقابل، يقوم الأميركيون اليوم بمئات الهجمات ضد إرهابيي داعش في سورية والعراق. ويبدو أن هذا هو سبب جيد بالنسبة للأسد للامتناع عن الرد على القصف الإسرائيلي. فإذا كانت الولايات المتحدة تقوم بدلاً منه بمحاربة داعش الذي يشكل اليوم العدو رقم واحد بالنسبة إليه، فلا سبب يدفعه إلى مواجهة جانبية مع إسرائيل من شأنها أن تزيد الأمور تعقيداً بالنسبة إليه. لكن من الأكثر صعوبة توقع ردة فعل حزب الله الذي أظهر خلال العام الماضي ثقة بالنفس أكبر في تحديه لإسرائيل. والسؤال المطروح هل إن وقوع الهجمات في الجانب السوري سيكون سبباً مقنعاً كافياً للامتناع عن الرد؟

•وقع القصف المنسوب إلى إسرائيل بعد ظهر اليوم. وتزامنه مع إعلان نتنياهو الانتخابات أثار تأويلات بوجود اعتبارات سياسية للقصف. وإذا كان بعض خصوم رئيس الحكومة وراء هذه التهمة، فمن واجبهم أن يقدموا دليلاً لأنها لا تبدو منطقية. صحيح أن من مصلحة نتنياهو أن يبقى التهديد الأمني مطروحاً في النقاش العام مع بدء المعركة الانتخابية، لكن الوضع الأمني حساس للغاية على جميع الحدود، ومن الصعب رؤية نتنياهو يبادر إلى هجوم من هذا النوع ويجر وراءه الأذرع الأمنية من دون أن يتسرب شيء من هذا إلى وسائل الإعلام.

•واستناداً إلى التقارير السورية، فإن الهجوم استهدف هدفين: ضواحي مطار دمشق الدولي، والمنطقة القريبة من الحدود السورية - اللبنانية. وقياساً إلى الهجمات السابقة، ففي منطقة المطار توجد مخازن السلاح الذي يأتي بطائرات الشحن من إيران، وقصف المنطقة المتاخمة للحدود كان يتم قبل عبور شاحنات سلاح إلى لبنان.

 

•وفي المرات التي جرى فيها قصف أهداف في شمال سورية، كان القصف ضد مخازن صواريخ بر - بحر روسية من طراز "ياخونت" وصلت من روسيا عبر ميناء طرطوس. وشهدت الحدود البرية عبر سهل البقاع تهريب صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ أرض- أرض بعيدة المدى. وأشار معهد "ممري" [The Middle East Media Research Institute] المتخصص في متابعة الإعلام العربي والفارسي إلى أن كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني صرحوا في نهاية تشرين الأول/نوفمبر بأن إيران زودّت حزب الله بصواريخ وقذائف مداها 300 كيلومتر تصل إلى شتى أنحاء إسرائيل ويمكن أن تصل إلى مفاعل ديمونا.

 

 

المزيد ضمن العدد 2028