وثيقة التفاهمات المشتركة: لغمان يخدمان اليمين الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•إذا كانت هناك حاجة إلى إثبات أن أي شيء لم يتغير في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين فإن وثيقة التفاهمات المشتركة هي أفضل برهان على ذلك؛ فقد استمرت المناقشات بشأن هذه الوثيقة المؤلفة من 437 كلمة فقط أسابيع طويلة، وكانت مماثلة لجميع جولات المحادثات الإسرائيلية ـ الفلسطينية السابقة.

•تحتوي وثيقة التفاهمات صياغات دقيقة للغاية يمكن أن يفهم ضرورتها الحقوقيون أو خبراء صناعة السلام. من ذلك، مثلاً، الصيغة المتعلقة بتسميتها؛ فالطرف الإسرائيلي طالب بأن تكون "إعلاناً"، والطرف الفلسطيني طالب بأن تكون "وثيقة". وقد قبل الطرفان الحل الوسط الأميركي بأن تُسمى "بيان تفاهم مشترك" Joint] [Understanding. 

•تنطوي الصيغة النهائية على لغمين يخدمان اليمين [الإسرائيلي]. اللغم الأول كامن في عبارة "الإرهاب والتحريض الذي يقوم به فلسطينيون أو إسرائيليون". ومعنى ذلك أن إيهود أولمرت وافق على كون إسرائيل مسؤولة أيضاً عن إرهاب وتحريض ضد الفلسطينيين، وعلى أن أميركا في جميع الأحوال هي التي ستقرر من هو المحرّض والإرهابي. وقد سبق أن رفضت حكومة شارون، في التحفظات التي قدمتها على خريطة الطريق، المطالبة بأن "تتوقف إسرائيل عن ممارسة العنف والتحريض ضد الفلسطينيين"، وها هي إسرائيل تتنازل الآن عن هذا التحفظ.

•أمّا اللغم الثاني فيكمن في التعهد بـ "بذل جميع الجهود" لاستكمال الاتفاق حتى نهاية 2008، وهذا يعني أنه تم قبول المطلب الفلسطيني بوضع جدول زمني للمفاوضات، ورُفض الموقف الإسرائيلي الذي دعا إلى إبقاء الموعد مفتوحاً.

•إن الإنجاز الإسرائيلي الرئيسي في أنابوليس هو رهن تطبيق الاتفاق المستقبلي، في حال تم التوصل إليه، بتنفيذ التعهدات في خريطة الطريق، ورفض المطالبة الفلسطينية بأن يكون تنفيذ ذلك متزامناً. وقد رغب الفلسطينيون في أن يُطلب من إسرائيل أن تخلي بؤرة استيطانية أو تجمد بناء مستوطنة في مقابل أي نشاط أمني يقومون به. وأصرت إسرائيل على عدم الموازاة ونجحت في تحقيق ذلك.

 

•هددت مسألة هوية الجهة التي ستراقب الطرفين وتقدر مدى التزامهما بتطبيق بنود خريطة الطريق بتفجير المحادثات بين رئيسي طاقمي المفاوضات تسيبي ليفني وأبو علاء. وقد اقترح الفلسطينيون والأميركيون، في المفاوضات الحالية، إقامة لجنة ثلاثية [إسرائيلية ـ فلسطينية ـ أميركية] تتولى مناقشة أي قضية وحسمها. غير أن [وزير الدفاع الإسرائيلي] إيهود باراك، الذي خشي من أن تصبح إسرائيل في موقع الأقلية، عارض ذلك واقترح تعيين محكِّم أميركي بدلاً من اللجنة الثلاثية. وانتصر باراك في هذه النقطة، وسيتولى هذه الوظيفة الجنرال الأميركي جيم جونس، القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي الذي سيتسلم مهمته الجديدة في غضون الأيام القريبة المقبلة. والأمر الأكيد هو أن جونس سيحتاج إلى فترة تدريب غير سهلة في الشرق الأوسط، مثل الجنرالات السابقين الذي عينهم البيت الأبيض لأداء مهمات مماثلة.