•نشرت دائرة البحوث التابعة لصندوق النقد الدولي تقريرها السنوي عن منطقة "الشرق الأوسط وآسيا الوسطى" التي تشمل، من بين بلدان أخرى، جميع البلدان العربية ـ الإسلامية المصدرة للنفط والغاز: الجزائر، البحرين، إيران، العراق، الكويت، ليبيا، عمان، قطر، المملكة العربية السعودية، سورية، الإمارات العربية المتحدة. إنه تقرير أخاذ، لكنه، على العين الإسرائيلية، يبدو مخيفاً.
•النتائج الرئيسية التي توصل إليها التقرير هي ما يلي: كسبت البلدان الشرق أوسطية المصدرة للنفط خلال العام المنصرم نحو 600 مليار دولار من صادرات النفط والغاز. وفي الأعوام 2003 ـ 2006 وصل مجموع عوائد هذه البلدان من الصادرات النفطية إلى نحو 2100 مليار دولار.
•خلال العام الجاري ستصل عوائد البلدان الشرق أوسطية الغنية بالنفط من الصادرات إلى 700 مليار دولار. وإذا وصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار ستقفز العائدات إلى 850 مليار دولار. وفي العام المقبل (2008) ستتجاوز عوائد البلدان العربية ـ الإسلامية الشرق أوسطية عتبة الـ 1000 مليار دولار.
•الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، أي القيمة الإجمالية لجميع المنتجات والخدمات المنتجة في إسرائيل، سيبلغ نحو 170 مليار دولار خلال العام الجاري. بعبارة أخرى، تبلغ عوائد الصادرات النفطية للعالم العربي ـ الإسلامي ما لا يقل عن ستة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.
•ما هو تأثير النفط في اقتصاد دول الشرق الأوسط النفطية؟ لقد غيّر النفط صورتها بصورة تامة. فمنذ بداية ثورة أسعار النفط تضاعف نصيب الفرد من الناتج الكلي، وسددت جميع الحكومات العربية ديونها، وقفزت أسواق الأسهم عالياً، وانخفضت معدلات الفقر بمقدار الربع، وارتفع متوسط العمر ما لا يقل عن ست سنوات، ووصلت المياه والكهرباء إلى 90% من السكان. وهنا وجه مهم آخر لهذا التأثير يتعلق بالنمو الإيراني. فبحسب صندوق النقد الدولي نما الاقتصاد الإيراني منذ 2002 بمعدل سنوي بلغ 5.5% في المتوسط. ونتيجة لذلك ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لإيران من 120 مليار دولار في 2002 إلى 280 مليار دولار في هذا العام ، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 330 مليار دولار بحلول العام المقبل.
•هذه الأرقام تصنع صورة لشرق أوسط جديد، لكن ليست الصورة التي حلم بها شمعون بيرس. ما عادت البلدان العربية والإسلامية المصدرة للنفط تحتاج إلى مساعدة إسرائيل كي تندمج في العالم الكبير، فالعالم يطرق أبوابها. إن الخطط الاستثمارية للإمارات العربية المتحدة وحدها تقدر بـ 800 مليار دولار للسنوات الخمس المقبلة. ونحن لسنا موجودين فيها. إننا نشهد نشوء امبراطورية اقتصادية عربية ـ إسلامية لم تعرف المنطقة مثيلاً لها، وستنمو قوتها من عام إلى آخر. ستصبح لاعباً رئيسياً في تقرير مصير الاقتصاد العالمي.
•هذا كله يحدث من دوننا. فالازدهار الاقتصادي العربي الذي يحدث على مسافة قريبة جداً من حدودنا يتخطانا. إنه ما يزال غير موجه نحونا. بالنسبة إلى إسرائيل فإن هذه هي فرصتنا الأخيرة كي "نتسلق العربة" ونلتحق بالواقع الجديد. علينا أن نغير توجهنا القومي. إن الاقتصاد الإسرائيلي، بجميع إنجازاته التكنولوجية، سيواصل الضمور أمام تراكم الثروة العربية ـ الإسلامية الشرق أوسطية. إن اقتصادنا سيتراجع إلى حد أبعد بكثير إذا لم نمتلك طريقاً للوصول إلى هذه الثروة.
•إن طريق الوصول هذه يمكن أن يوفرها توقيع اتفاق إسرائيلي ـ فلسطيني لإنهاء النزاع. إن أبرز مصلحة إسرائيلية تمس وجودها تتمثل في السعي نحو توقيع مثل هذا الاتفاق، ومن خلاله تطبيع علاقاتنا مع الدول الغنية المصدرة للنفط، وعندئذ يمكننا أن نبدأ المتاجرة معهم وبيعهم والمشاركة في نموهم. إن فتح الأسواق الشرق أوسطية أمام إسرائيل يمكن أن يضاعف معدل النمو السنوي لاقتصادنا من 5% إلى 10%. كما أن من شأن الثروة العربية أن توفر حلاً مالياً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.