•احتجاجاً على الهجمات الإسرائيلية على جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] أعلن الناطق باسم حكومة الأردن الأسبوع الماضي استدعاء السفير الأردني وليد عبد الله عبيدات إلى عمان للتشاور. وأوضح رئيس الحكومة الأردنية ناصر جودة أن "استدعاء السفير مؤشر على خطورة الوضع" ، وأنه من الممكن اتخاذ خطوات أخرى بينها إعادة النظر في اتفاق السلام بين الدولتين.
•شكل استدعاء السفير الأردني واحدة من الخطوات التي اتخذها الأردن في الأيام الأخيرة ضد دولة إسرائيل على خلفية التصعيد في القدس، من بينها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن والمطالبة بإدانة إسرائيل، والتصريحات الحادة من قبل مسؤولين أردنيين كبار، والتظاهرات اليومية أمام السفارة الإسرائيلية في عمان وغيرها.
•على الرغم من عملية "الجرف الصامد" والتقارير التي تحدثت عن وقوع عدد كبير من القتلى وسط الفلسطينيين، وعلى الرغم من أزمة المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، وإقرار خطط بناء إسرائيلية في القدس، امتنع الأردنيون عن استدعاء سفيرهم إلى عمان بعد تعيينه منذ أكثر من سنتين. لذا، فإن استدعاء السفير يشير إلى الضغط والضائقة الحقيقية اللذين يواجههما الأردن حيال احتمال المس بمكانته في القدس كما هو وارد في اتفاق السلام بين الدولتين الموقع منذ أكثر من 20 عاماً، وهذا يلحق الضرر بالدور الخاص للعائلة الهاشمية بوصفها حامية الأماكن المقدسة الإسلامية.
•وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن الأردن يحاول استغلال الأزمة من أجل تحقيق أهداف مختلفة منها: أولاً؛ أن يسجل لنفسه الفضل في المحافظة على الوضع القائم في القدس. واستناداً إلى تقارير إعلامية عربية، فقد تعهد نتنياهو أمام العاهل الأردني الملك عبد الله في محادثة سرية بينهما قبل بضعة أيام، بعدم تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي. لكن يبدو أن الأردنيين الذين يتخوفون من نظام جديد في الحرم يشبه النظام الذي طبق في [مَعَراة هَمَخْبلاه] الحرم الإبراهيمي الشريف [القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية في العام 1994 بعد المجزرة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي الشريف وذهب ضحيتها 39 فلسطينياً، بتقسيم الحرم إلى قسمين جزء مخصص لصلاة اليهود وآخر للمسلمين]، وسيحاول الأردنيون الحصول اليوم على تعهد علني من إسرائيل بهذا الشأن من أجل إعادة سفيرهم إلى تل أبيب. ومثل هذا التعهد سيحسن من مكانة الأردن في الساحة العربية ويعلي من مكانة الملك عبد الله الثاني. أما الهدف الثاني من وجهة نظر الأردن، ففهو الاعتقاد بأن الحصول على هذا التعهد يساهم في كسر الجمود في المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، ويعطي الأردن فرصة للقيام بدور أكبر في الاتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين نظراً إلى كونه عضواً في مجلس الأمن.
•لكن على الرغم من تحذيرات الأردن المتكررة بإلغاء اتفاق السلام، فلا يبدو أنه ينوي القيام بذلك. ففي نهاية شباط/فبراير 2014 وبعد تصويت البرلمان الأردني بالإجماع على طرد السفير الإسرائيلي، رفضت الحكومة تنفيذ ذلك بحجة أنها ملتزمة باتفاق السلام لأنه يشكل مصلحة أردنية. وبالفعل، فإن اتفاق السلام يجسّد التعاون القائم بين الدولتين لمواجهة الواقع الأمني الصعب وصعود العناصر المتشددة في المنطقة.
•وغنيّ عن القول إن إسرائيل تقدم دعماً أمنياً قوياً للنظام الهاشمي. وهي فعلت ذلك قبل توقيع اتفاق السلام بين الدولتين، وسوف تفعله في المستقبل أيضاً. وبناء على ذلك، من الواضح أنه سواء عاد السفير الأردني إلى تل أبيب أو لم يعد، فإن العلاقات بين الدولتين لن تتضرّر. فالواقع الأمني هو الذي يفرض في نهاية الأمر الحاجة إلى الاستمرار في التعاون والمحافظة على المصالح المتبادلة بين الدولتين.