مع الاضطرابات الإقليمية لا تستطيع إسرائيل فصل المواجهات في القدس عن سائر الجبهات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إن التقلبات التي لا تتوقف في المناطق الفلسطينية والدول المحيطة تُظهر إلى أي مدى أصبح الواقع الذي يحيط بدولة إسرائيل معقداً ومتغيراً. والذي كان يمكن تلخيصه في الماضي بصراع فلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي وإلى جانبه توازن ردع مستقر في صالح الجيش الإسرائيلي مقابل الجيوش التقليدية للدول المجاورة، حتى عندما كانت هذه الدول خاضعة لأنظمة معادية لإسرائيل كلياً، انقسم اليوم إلى عدد من الساحات والتنظيمات الفرعية من الصعب تحليل وتقدير دوافعها ونياتها بصورة مسبقة. ستدخل الاضطرابات في العالم العربي عامها الخامس وهي تؤثر على إسرائيل بطرق كثيرة ومختلفة، وهي تؤكد الإدراك في القدس بأنه لا يمكن الحفاظ على الاستقرار لفترة طويلة في وضع غير مستقر، فالفوضى الاقليمية العارمة تؤثر أيضاً على وضعنا حتى وإن كانت لا تتسبب بتصعيد فوري على حدود الدولة.

•ورد في خبر بثته إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس (الثلاثاء) إن من يقف وراء إطلاق الصواريخ على النقب الغربي يوم الجمعة الماضي حزب فلسطيني سلفي متطرف في قطاع غزة، مرتبط بمنظمة جهادية تعمل في سيناء هي "أنصار بيت المقدس". وكانت "حماس" اعتقلت خمسة مشتبه بهم بعد إطلاق الصاروخ الذي ردت عليه إسرائيل بإغلاق المعابر مع القطاع يومين. وتشك الأجهزة الإسرائيلية في أن إطلاق الصواريخ له علاقة بالتوتر في قطاع غزة، وتعتقد أنه مرتبط بأحداث القدس والحرم، أي أن المنظمة المتطرفة قررت الرد من القطاع ومخالفة موقف "حماس" من التصعيد في القدس بعد محاولة اغتيال غليك، وبعد قتل الوحدات الخاصة للمشتبه به.

•لذا، يتعين على إسرائيل أن تأخذ في حسابها الآن أنها لا تستطيع الفصل بصورة كاملة بين الجبهات. فكما أن القدس اشتعلت بسبب الحرب على غزة، هناك تأثير عكسي حتى لو كانت "حماس" غير معنية بذلك.

•وكانت منظمة "أنصار بيت المقدس" أعلنت أنها قتلت 33 جندياً مصرياً في عمليتين في سيناء الشهر الماضي، وأنها تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. يأتي هذا بعد سنتين على اعلان هذا التنظيم أنه تابع للقاعدة في سيناء، وأنه يتلقى أوامره من أيمن الظاهري وريث بن لادن. لكن على ما يبدو، فإن النجاحات التي حققها تنظيم داعش ضد نظام الأسد في سورية والشيعة في العراق، دفعت بالكثيرين إلى الانضمام إليه.

•وإذا كان هذا الخبر صحيحاً، فإن هذا لا يعني أن عناصر تابعة لداعش جاءت من سورية إلى حدودنا الجنوبية، بل هو أقرب إلى إعطاء داعش وكالة عنه لهذا التنظيم في سيناء. وهذا يشبه فتح فرع جديد تابع لشبكة أطعمة سريعة في دولة جديدة. وفي أي حال، فإن هذا النبأ يخدم حكومة نتنياهو التي تدّعي أن إسرائيل تخوض حرباً ضد الارهاب الإسلامي المتطرف، تشبه الحرب التي يخوضها الغرب.

•وفي تقرير آخر يتعلق بالحدود السورية، نقلت صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله، أن ضابطاً درزياً في الجيش الإسرائيلي نقل في الفترة الأخيرة رسالة إلى سكان قرية الخضر الدرزية في الجانب السوري من الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان، تقول إن إسرائيل مستعدة لتسليحهم لمساعدتهم في مواجهة أي تنظيم سني متطرف مثل جبهة النصرة (القريبة من القاعدة والتي تقاتل الأسد) في حال حاولت دخول القرية.

•لقد حافظت هذه القرية الواقعة على منحدرات جبل الشيخ على شبه حياد طوال الحرب [الأهلية السورية]، لكنها عملياً أقامت علاقات مع نظام الأسد على الرغم من تقدم الثوار في الجولان في الأشهر الأخيرة وسيطرتهم على 90% من الحدود مع إسرائيل، باستثناء هذه القرية ووجود للجيش السوري في جبل الشيخ.

•إن التدخل الإسرائيلي المحدود بما يحدث في الجانب السوري ليس سراً. فقد اعترف وزير الدفاع في مقابلة مع الصحيفة الشهر الماضي بأن المساعدة الكبيرة التي تقدمها إسرائيل لسكان القرى في الجولان عبر العلاج الطبي في مستشفيات إسرائيل والمساعدة اللوجستية لمواجهة الشتاء، جزء من تفاهمات تهدف إلى إبعاد الحرب عن أراضيها. وأكد يعلون أن تنظيمات المعارضة الأكثر اعتدالاً مثل الجيش السوري الحر تسعى الى منع وصول المتطرفين ولا سيما جبهة النصرة الى الحدود بعد أن طرد الثوار جيش الأسد.

•إن المزاعم بشأن نية إسرائيل تسليح الدروز لم يجر التأكد منها من مصدر موثوق. لكن من الواضح ما هو سبب اهتمام حزب الله بهذا الأمر. فقد اعترف الحزب علناً بأنه يخرق قرار مجلس الأمن 1701 وأنه ينشط مجدداً جنوب الليطاني بالقرب من الحدود اللبنانية – الإسرائيلية. وهو يدعي أن نشاطه هذا حول المثلث الحدودي يأتي رداً على تدخل إسرائيل في سورية.

 

•في هذه الأثناء هدد نصر الله في خطابه بالأمس بأنه إذا اندلعت الحرب من جديد فإن الحزب سيشلّ مطارات إسرائيل وموانئها بالصواريخ. وجاء هذا الكلام رداً على تقديرات صدرت من جانب مسؤول كبيرفي هئية الأركان العامة في الجيش الأسبوع الماضي. وهذا دليل آخر على أن الصورة الأمنية اليوم فيها الكثير من المتغيرات، ومن الصعب توقعها كما في الماضي.

 

 

المزيد ضمن العدد 2005