مقابلة مع يعلون: الأسد يسيطر على 25% من سورية، وحزب الله لا يريد التصعيد، داعش قد تصل إلينا، وفشلنا في معالجة مشكلة غلاء المعيشة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

[أجرت الصحف الثلاث الكبرى في إسرائيل، كل على انفراد، مقابلة مع وزير الدفاع موشيه يعلون هي الأولى من نوعها منذ انتهاء عملية الجرف الصامد في غزة، نقتطف أهم ما جاء فيها].

•[هآرتس] عندما يُسأل وزير الدفاع موشيه يعلون عن التحديات الخارجية التي تواجهها إسرائيل، فإن جوابه يكون دائماً موزوناً وحكيماً، فهو دائماً يحاول أن يضع خطورة التهديد في حجمه الصحيح أو أقل. وفي ما يتعلق بالعملية السياسية مع الفلسطينيين، فإن موقفه المتشائم يترجم من خلال موقف صقري متصلب، لكن بالنسبة إلى كل ما له علاقة باستخدام القوة العسكرية، فيبدو وزير الدفاع رجلاً حذراً للغاية. وقد برز هذا التوجه طوال الحرب في غزة خلال الصيف الأخير، كما برز في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "هآرتس"، ففي رأي يعلون تعيش إسرائيل في محيط عدائي وعليها أن تتحرك داخله بحزم لكن بحذر، ولا يوجد سبب للانفعال

•[هآرتس] بعد مرور أسابيع من وقف كامل لإطلاق النار في غزة، شهد الشمال تحديداً عدداً من الحوادث الأمنية - إسقاط طائرة سورية حربية خرقت الحدود في الجولان، وجرح جنديين بتفجير عبوات زرعها حزب الله في هار دوف [مزراع شبعا]. يعترف يعلون "بأن من الممكن أن يكون حزب الله أصبح أكثر ثقة بنفسه مما اعتقدنا" وأنه يحاول وضع معادلة ردع جديدة على طرفي الحدود اللبنانية والسورية، يقوم في إطارها بالرد بهجمات على أراضينا على كل عمل عسكري ينسب إلى إسرائيل داخل أراضي لبنان. وأضاف: "يوجد هنا تحول بالمقارنة مع الماضي حين كان النظام السوري يستخدم حزب الله من أجل مهاجمتنا في جنوب لبنان من دون أن نستطيع توجيه التهمة إليه مباشرة. اليوم، يستخدم حزب الله الأسلوب عينه في هضبة الجولان". وتنسب إسرائيل المسؤولية عن عدد من الحوادث التي جرت السنة الماضية في الجولان من نوع زرع عبوات ناسفة وإطلاق صورايخ، إلى ميليشيات مرتبطة بنظام الأسد في سورية لكنها تعمل بإمرة حزب الله والحرس الثوري الإيراني.

•[هآرتس] يعترف يعلون بأن الهجوم الأخير الذي شنه حزب الله كان هجوماً طموحاً، لكنه يستبعد أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية تقلل من جدية نيات الحزب الذي يبدو وكأنه كان مستعداً للمجازفة بالتصعيد لو نجحت خطته في قتل عدد كبير من الجنود من خلال استخدام العبوات. ويرى يعلون أن الحزب يرسل مقاتليه إلى العراق وسورية بطلب إيران. كما يغرق في حرب داخلية في مواجهة الفصائل السنية المتشددة في البقاع اللبناني. وهو يعاني من الكثير من المشكلات غير التصعيد في مواجهة إسرائيل. 

•[ورداً على سؤال موجه من "معاريف"]: "هل تعتقد أن حزب الله يرغب في التصعيد" أجاب: "صحيح أن الهجوم الذي جرى في هار دوف [مزارع شبعا] هو الثاني من نوعه في السنة الأخيرة. لكن يجب النظر إليه ضمن إطار محاولة حزب الله المحافظة على قواعد اللعبة وردعنا عن العمل في لبنان، وليس كمن يريد التصعيد في الشمال".

الأسد يسيطر على 25% من أراضي الدولة السورية

•[هآرتس] في رأي يعلون أن المواجهات في لبنان هي نتيجة الحرب الأهلية في سورية. وهو يعتقد أن الأسد يسيطر حالياً على 25% من أراضي الدولة السورية، ويضيف: "هذه ليست سورية بل علويستان - مجموعة مدن الساحل شمال البلاد والممر الذي يربطها بدمشق. لقد نجح الثوار في السيطرة على المنطقة القريبة من حدودنا في الجولان. في حين تسيطر داعش على شرقي سورية، وفي الشمال الشرقي هناك حكم ذاتي للأكراد".

خطر داعش قد يصل إلى حدودنا

•يثير دخول تنظيمات سنية متشددة قريبة من القاعدة مثل جبهة النصرة، إلى الجولان، القلق لدى يعلون، لكنه يعتقد أن الوضع حتى الآن ما يزال تحت السيطرة. ويقول: "من الواضح أن هناك حالة من عدم الاستقرار. لكن في المنطقة القريبة من الحدود تسيطر ميليشيات أكثر اعتدالاً مثل الجيش السوري الحر. وليس سراً أنهم يستفيدون من المساعدة الإنسانية التي نقدمها لسكان القرى في المنطقة مثل المعالجة الطبية في مستشفياتنا، وتقديم الغذاء للأطفال، والمعدات والبطانيات في فصل الشتاء. وهذا يجري شرط عدم السماح للتنظيمات المتشددة  بالاقتراب من الحدود".

•[معاريف] ولدى سؤاله عن خطر داعش أجاب: "حتى الآن لا يشكل داعش خطراً علينا، وهو ليس قريباً من حدودنا، لكنه ظاهرة نتعامل معها بوصفها خطراً على مصالحنا، ولأن أتباع هذا التنظيم قادرون على الاقتراب من هضبة الجولان، والتسلل إلى الأردن وزعزعته. وهم يقاتلون حالياً داخل لبنان في عرسال وبريتال - قرية شيعية مهمة في البقاع، حيث تدور حرب يومية ضد قوات مشتركة من داعش وجبهة النصرة اللتين تقاتلان حزب الله والجيش اللبناني.

•[معاريف] ومن الأمور التي تثير دهشتنا كيف أن حزب الله والجيش اللبناني اللذين يتعاونان معاً لا ينجحان في معالجة المشكلة من جذورها، ويتكبدان القتلى والمخطوفين. إذا لم يجر كبح هذه الظاهرة فمن الممكن أن تصل إلى حدودنا".

•[معاريف] وسئل: "هل تتخوف من أن تؤدي الحرب على داعش إلى تقديم تنازلات غربية إلى إيران؟"، فأجاب: "حتى الآن هذا لم يحدث، لكن هذا التخوف عاد إلى الظهور في الأسابيع الأخيرة. نحن نتابع بقلق المفاوضات بين الدول الست بقيادة الولايات المتحدة. لقد جرى تمديد موعد انتهاء المفاوضات من 24 تموز/يوليو إلى 24 تشرين الثاني/نوفمبر. وهناك إصرار إيراني على الاحتفاظ بالقدرة على الوصول إلى قنبلة نووية. والتنازلات التي يقدمونها في المفاوضات تؤدي إلى تمديد الفترة التي يحتاجون اليها من أجل الوصول إلى القنبلة النووية.... لذا فالاتفاق كما يبدو اليوم ليس اتفاقاً جيداً".

وسئل: "هل لدى إسرائيل خيار عسكري ضد إيران؟" فأجاب: "بصورة مبدئية نحن قادرون على الدفاع عن أنفسنا بقوانا الذاتية".

دروس الحرب الأخيرة على غزة

•[هآرتس] ولدى سؤال يعلون ماذا تعلم حزب الله والتنظيمات الأخرى من الحرب الأخيرة على غزة أجاب: "قبل كل شيء مقولة خيوط العنكبوت لم تعد قائمة". ويقصد يعلون الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في أيار/مايو 2000 بعد أيام على انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان حين شبّه ضعف صمود المجتمع الإسرائيلي بخيوط العنكبوت. ففي رأي يعلون أن هذا الوصف ينطبق على التسعينيات لكن الأمور اختلفت منذ ذلك الحين. وتابع: "في البداية هناك عملية الجدار الواقي سنة 2002، والعمليات العسكرية في غزة وآخرها الجرف الصامد. نحن أمام توجه مختلف وإصرار مختلف".  لا يثير استمرار القتال في غزة 50 يوماً رضى يعلون، لكنه يرى أن هذا أظهر للعرب أن إسرائيل بعكس بعض التقديرات، قادرة على الصمود في حرب استنزاف، وقادرة على الدفاع عن نفسها وعلى تدفيع أعدائها ثمناً باهظاً.

•[يديعوت أحرونوت] وسئل يعلون: "قال نتنياهو في خطابه في الأمم المتحدة إن "حماس" هي داعش، لكن إسرائيل تجري مفاوضات مع حماس في القاهرة، وقررت عدم إسقاطها"، فأجاب: "في مواجهة التحديات أنت تدرس الفائدة والثمن، وهذا ما فعلناه بهدوء في نقاشات المجلس الوزاري خلال العملية العسكرية. وما خططنا له على المدى البعيد سيتحقق. حركة "حماس" ستنهار، فالحركة التي تستند إلى الموت والدمار لا يمكنها الصمود. وعلى عكس حرب لبنان الثانية، فقد خضنا العملية العسكرية الأخيرة مع هدف وضعناه مسبقاً. منذ قيام الدولة ونحن نعيش جولات متتالية، والعملية الأخيرة ستضمن لنا فترة طويلة من الهدوء".

•[يديعوت أحرونوت] وسئل: "هل سمع المجلس الوزاري تحذيرات من وقوع الحرب خلال الصيف من الاستخبارات العسكرية أو من الشاباك؟" فأجاب: "لم يصلني كما لم يصل إلى رئيس الحكومة أي  تحذير. لكن يتعين علينا أن نكون مستعدين. لقد كنا نرى عدم الاستقرار في القطاع، وتوقعنا أن يأتي الشرّ من الجنوب. لكن "حماس" منذ البداية لم تكن ترغب بالقتال".

الحكومة فشلت في معالجة مشكلة غلاء المعيشة

 

•[يديعوت أحرونوت] يبدي يعلون تفهمه للاحتجاجات على غلاء المعيشة ويقول: "أنا أفهم وأسمع ذلك في منزلي. لدي ثلاثة أولاد هم أزواج جدد مع أطفال صغار، وأنا أعرف مشكلة السكن والأشياء التي نحتاج إلى شرائها. وأعتقد أننا فشلنا في حل هذه المشكلات، ويجب على الحكومة معالجة ذلك. إن حل مشكلة السكن لن يتحقق من خلال خطة وزير المال لبيد: "صفر" ضريبة على قروض السكن. الحل هو في زيادة العرض من أجل خفض أسعار الأراضي وتحرير المزيد من الأراضي للبناء". وعلى الرغم من تفهم يعلون لمشكلة غلاء المعيشة، فهو لا يفهم تحولها إلى ذريعة للتشجيع على النزوح عن إسرائيل.