حقيقة الخلاف بين وزير الدفاع يعلون والوزير بينت بشأن معالجة الأنفاق الهجومية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•المواجهة التي نشبت يوم الثلاثاء بين موشيه يعلون ونفتالي بينت تعود في الأساس إلى أسباب سياسية. فعلى ما يبدو يريد وزير الاقتصاد أن يسجل لنفسه الفضل في المطالبة والضغط من أجل تدمير الأنفاق الهجومية التابعة لـ"حماس" خلال عملية الجرف الصامد. يدافع وزير الدفاع عن نفسه بأنه كان متفقاً في الرأي مع رئيس الحكومة ورئيس الأركان عندما رفض طلب بينت، إلى أن جاءت "حماس" وحسمت الأمر بينهما، فمقاتلو قوات "النخبة" في "حماس" الذين خرجوا من فتحة نفق هجومي بالقرب من كيبوتس ناحل عوز في 17 تموز/يوليو، هم الذين حسموا الجدل بينهما. وبعد هذه الحادثة أيد يعلون هجوماً برياً على الأنفاق كما طالب به بينت.

•إن الخلاف الجوهري بين الوزيرين على نسب الفضل لنفسه [في مسألة تدمير الأنفاق الهجومية] تحول كالعادة إلى خلاف شخصي حافل بتشهير متبادل. وغالباً ما تكون المواجهات في الحكومة الإسرائيلية عامة وفي المجلس الوزاري المصغر خاصة ليست بشأن مسألة واحدة، مثل قضية هرباز- أشيكنازي- باراك [الخلاف بين وزير الدفاع السابق إيهود باراك ورئيس الأركان سابقاً]، بل على قضايا ذات تشعبات كثيرة، وفي هذه الحالة، تشمل المواجهة جولات الوزير بينت عضو المجلس الأمني- السياسي في مناطق تجمع القوات في ساحة القتال ولقاؤه قادة الوحدات المقاتلة الذين كانوا رفاقه في السلاح وحصوله منهم على الكثير من المعلومات.

•ومن التشعبات القبيحة الأخرى للمعركة السياسية بشأن الأنفاق قضية الحاخام العسكري الأكبر السابق العميد أفيحاي رونتسكي الذي قام بمبادرة شخصية منه مرتدياً ثيابه العسكرية ومن دون أن يُستدعى إلى خدمة الاحتياط، بالتحدث إلى القادة والجنود في ميدان القتال، ومن دون أن يوضح لهم أنه هنا بمبادرة فردية. ويدّعي مصدر في جهاز الأمن أن الحاخام رونتسكي هو الذي سمع عن خطر الأنفاق من القادة في ساحة القتال، وسرّب إلى الوزير بينت أن الجيش لا ينوي العمل ضد الأنفاق برياً. وكانت النتيجة مطالبة بينت داخل المجلس الوزاري بذلك.

•وإزاء خطورة المسألة التي أصبح يطلق عليها اسم "تقصير الأنفاق"، وفي ظل مطالبة أعضاء الكنيست من حزب البيت اليهودي بتشكيل لجنة تحقيق قي الموضوع، يجب فصل هذا الموضوع عن المسألتين الثانويتين.

•لنتذكر بإيجاز تسلسل الأحداث، فعندما كانت أغلبية الوحدات النظامية في الجيش تبحث عن الشبان الثلاثة الذي خطفوا وقتلوا في جبل الخليل، عثر الجيش على نفق هجومي تابع لـ"حماس" يصل إلى كيبوتس كرم – سالم. وكان الجيش على معرفة عامة بمكان النفق وفتحة الدخول إليه، لكن لم يكن واضحاً أين تقع فتحة الخروج منه. على أثر ذلك أعلنت قيادة الجنوب حالة التأهب واستدعت قوات مدرعة وبرية تحسباً لمحاولة "حماس" القيام بهجوم من النفق على كيبوتس صوفا، أو على الجنود الإسرائيليين القريبين منه، وبدأت عمليات تمشيط مكثفة.

•لم يكن موضوع الأنفاق جديداً على الجيش الإسرائيلي، ففي السنوات الأخيرة عثر الجيش على خمسة أنفاق هجومية تصل إلى الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي. ووضع الجيش خطة منظمة لمهاجمة هذه الأنفاق، وحدد طريقة تدميرها لدى العثور عليها. إلى جانب ذلك، شكلت شعبة الاستخبارات في الجيش بالتعاون مع الشاباك طاقماً استخباراتياً خاصاً استطاع بعد جهد كبير تحديد مكان 32 نفقاً أعطى كل واحد منها اسماً. وفي نيسان/أبريل عرضت خطة تشرح كيفية العثور على مسارات الأنفاق وتدميرها. هذا كله سمعه بينت عندما كان يتنقل في منطقة غلاف غزة ويلتقي قادة الوحدات في ميدان القتال.

•في 30 حزيران/يونيو جرى العثور على جثث الشبان الثلاثة، وفي المساء نفسه عقد المجلس الوزاري المصغر جلسة، لكن حتى قبل انعقادها تحدث الوزير بينت مع رئيس الحكومة عن موضوع الأنفاق وعن وجود خطة لدى الجيش من أجل تدميرها. في تلك الفترة لم يكن الجيش يعرف عدد الأنفاق التي تجاوزت السياج ولا ما إذا كانت صالحة لتنفيذ هجوم من جانب قوة نخبة تابعة لـ"حماس". وكان التقدير أن الحديث يدور على 9 إلى 11 نفقاً من أصل 32. وطالب بينت نتيناهو بالتحرك، واستناداً إلى مصادر موثوقة كانت ردة فعل نتنياهو إيجابية ووعده بدراسة الموضوع، ومن المحتمل أن يكون تحدث عنه مع وزير الدفاع.

•بدأت عملية "الجرف الصامد" في 8 تموز/يوليو بعد سقوط الصواريخ وقذائف الهاون على أراضي إسرائيل. ومن بين الخطط التي عرضت على المجلس الوزاري، كانت هناك خطة تشمل تدمير الأتفاق بواسطة هجوم بري. لقد كان في استطاعة الاستخبارات العسكرية تحديد أماكن الدخول إلى هذه الأنفاق، وكان واضحاً أن معالجتها برياً تتطلب الدخول إلى الأحياء الشرقية في غزة. لكن رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان اقترحوا على المجلس الوزاري في تلك المرحلة التركيز على المعركة الجوية وتوجيه ضربات جوية إلى قدرات "حماس" العسكرية.

•استند هذا القرار إلى المعلومات التي تقول إن "حماس" تنوي استخدام الأنفاق كسلاح استراتيجي ضد الجيش الإسرائيلي فقط، وليس ضد السكان المدنيين. وأنها لن تستخدم هذه الأنفاق إلا عندما يبدأ الجيش الإسرائيلي عملية برية داخل قطاع غزة. ولهذا السبب لم يشعر الجيش ولا الجهاز الأمني بالحاجة الملحة للعمل ضد الأنفاق. وكان التقدير أن "حماس" مرتدعة ولن تجرؤ على القيام بعمليات توغل داخل أراضي إسرائيل. 

•رفض بينت هذه الفرضية وطالب مراراً في جلسات المجلس الوزاري خلال مرحلة القصف الجوي بالعمل برياً ضد الأنفاق. وفي مرحلة معينة تحرك الجيش ضد الأنفاق لكن بواسطة سلاح الجو. يومها ادعى بينت أن هذا غير كاف، لكن الجيش والجهاز الأمني أصرا على أن موضوع الأنفاق لا يبرر عملية برية إذا كان ممكناً معالجة الموضوع من الجو. وفي الجلسات التسع التي عقدها المجلس قبل البدء بالعملية البرية، طالب بينت بالتحرك براً، بيد أن يعلون بموافقة صامتة من نتنياهو ورئيس الأركان رفض اقتراحه.

•لكن الأجواء احتدمت في 15 تموز/يوليو عندما اقترحت مصر على الطرفين وقفاً لإطلاق النار. فقد وافق المجلس الوزاري بتوصية من نتنياهو ويعلون على الاقتراح وأيده ستة أعضاء، في حين رفضه كل من بينت وليبرمان. رفض ليبرمان الاقتراح لأنه كان يريد إسقاط "حماس" واحتلال غزة قبل أن توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار، أما بينت فرفضه لأنه كان يريد أن يهاجم الجيش الأنفاق برياً ويدمرها.

•على أية حال، رفضت "حماس" الاقتراح، وفي 17 تموز/يوليو خرج من باطن الأرض بالقرب من كيبوتس صوفا عشرة مخربين من "حماس" من القوة الخاصة، وكان في انتظارهم، بناء على إنذار مسبق، قوة من الجيش الإسرائيلي أطلقت عليهم صاروخاً. وعندما شعر المخربون بأنهم انكشفوا وباتوا مطاردين، عادوا بسرعة إلى النفق، وأطلق عليهم سلاح الجو صاروخاً أصاب عدداً منهم لكن الأغلبية نجحت في الفرار والعودة. 

•أثبت هذا الحادث لأعضاء المجلس الوزاري وللجمهور الإسرائيلي عامة وسكان غلاف غزة خاصة، حجم خطر الأنفاق. وتقرر حينها القيام بعلمية برية يشارك فيها ثلاثة ألوية ضد ثلاثة مناطق للأنفاق شرقي غزة: منطقة بيت لاهيا في وسط القطاع، ومنطقة خربة خزيعة، ومنطقة مدينة رفح. 

•وبدأت العملية التي سميت "دفاعاً متقدماً" فوراً ليتقرر توسيعها لمعالجة 32 نفقاً. أما إعلان وزير الدفاع في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد ثلاثة أيام من الدخول البري أن العملية ستستغرق يومين أو ثلاثة، فقد جاء في مرحلة كان مطلوباً من الجيش تدمير عدد محدود من الأنفاق وفق خطة معدة سلفاً وجدول زمني خصص ثلاثة أيام لمعالجة كل نفق. لكن فور إعلان ذلك، وفي ضوء النجاحات التي تحققت، قرر المجلس الوزاري تدمير جميع الأنفاق، واستغرقت هذه العملية نحو أسبوعين.

 

•تظهر هذه الرواية أن الوزير بينت كان على حق عندما ادعى أنه هو من دفع إلى تدمير الأنفاق، وأن هذا هو سبب رفضه الاقتراح المصري بوقف إطلاق النار في 15 تموز/ يوليو. لكنه يبالغ، فالقرار اتخذ في نهاية الأمر بعد أن قررت "حماس" استخدام هذه الأنفاق ومهاجمة منطقة كيبوتس صوفا. ولولا هذا الهجوم لما قام الجيش الإسرائيلي بعملية برية ضد القطاع، فالذي أدخل الجيش الإسرائيلي إلى القطاع هو "حماس" وليس الوزير بينت.

 

 

المزيد ضمن العدد 1978