من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بالأمس قال ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي لمراسل الصحيفة عاموس هرئيل "إن من مصلحة إسرائيل ألا يكون قطاع غزة خاضعاً لحصار اقتصادي واجتماعي قاسيين إلى هذا الحد". يثير هذا الكلام الحكيم للضابط الكبير ثلاثة تساؤلات. لماذا تذكرت المؤسسة الأمنية العسكرية فقط بعد الحرب أن تتفحص الحصار على وضع سكان غزة؟ ولماذا يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يقترح على القيادة السياسية تخفيف الحصار، بدلاً من أن تبادر هي إلى اتخاذ هذه الخطوة الضرورية؟ وما هو المغزى الفعلي لهذا الكرم؟
•في ضوء الواقع الحالي، وتعداد نقاط الربح في عملية "الجرف الصامد" والتباهي الذي لا ضرورة له بأن "حماس" لم تحقق شيئاً، فإن تقديم أي تسهيل إلى سكان قطاع غزة يمكن أن يُفسر بأنه تنازل أو تراجع. وهذه الأصوات الصادرة عن الجيش تعود إلى التخوف من طغيان المصلحة السياسية على مصلحة الدولة أو المصلحة الأخلاقية اللتين تقضيان برفع الحصار.
•لكن حتى لو تم الأخذ بهذا الاقتراح الإيجابي، فإنه لن يكون قادراً على القضاء على آفة الحصار. وكما رأينا في الماضي، فإن التسهيلات وحدها لا توفر شروط الحياة العادية، ولا تقدم أفقاً سياسياً أو اقتصادياً، وهي في أحسن الحوال تشكل غطاء غير كافٍ لادعاء الحكومة أن حربها ليست ضد سكان غزة بل ضد "حماس" فقط.
• إلى جانب ذلك، تبين أن التسهيلات التي يتحدث عنها الجيش هي عبارة عن مبادرات حسن نية رمزية مثل إدخال مواد البناء المخصصة لمواصلة إنشاء مستشفى جديد في غزة، أو أسواً من ذلك- وضع قائمة لاإنسانية تحدد حصة الوحدات الحرارية (calories) التي يحتاج إليها كل مواطن في غزة كي يتم على أساسها تحديد مخزون البضائع الذي يسمح له بالدخول إلى القطاع.
•إن قطاع غزة بسكانه البالغ عددهم مليون و800 ألف نسمة لا يحتاج إلى كرم أو تسهيلات. وفي الوقت الذي يتحدث فيه رئيس الحكومة بغموض عن "أفق سياسي"، فإن ما ينبغي فعله هو إلغاء الحصار، أقله على المعابر بين غزة وإسرائيل بصورة كاملة، وإعطاء مضمون لاحتمال أن يؤدي التطوير الاقتصادي إلى تهدئة، بعدما ثبت أن الحصار لا يثمر سوى العنف ضد إسرائيل.
•لا يعني هذا أن على إسرائيل التنازل عن المراقبة الدقيقة للبضائع التي تدخل إلى القطاع أو تلك التي تخرج منه كي تتأكد من عدم تهريب السلاح وعدم استغلال فتح المعابر للقيام بهجمات في إسرائيل، لكن ثمة ثغرة كبيرة بين التدقيق الأمني والسجن بشروط مخففة. وفي إمكان إسرائيل إغلاق هذه الثغرة والعمل من أجل المصلحة المشتركة لها ولسكان غزة.