انهيار الاستقرار في الجولان وانسحاب المراقبين الدوليين يثير قلقاً كبيراً في إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يتركز الاهتمام الإعلامي بالأحداث على الحدود مع سورية على تطورين مقلقين: انتشار عناصر تنظيم تابع للقاعدة على بعد مئات الأمتار من السياج الحدودي في هضبة الجولان، وخطر انزلاق تبادل النار بين الثوار ونظام الأسد إلى داخل أراضي إسرائيل. وفي نهاية الأسبوع نُشرت صور ظهر فيها علم القاعدة بالقرب من معبر القنيطرة. وأمس (الأحد) اعترضت المنظومة الدفاعية الجوية للمرة الأولى طائرة من دون طيار تجاوزت الحدود من سورية في الجولان. يأتي هذا بعد سلسلة حوادث سقطت خلالها قذائف في الجانب الإسرائيلي من الحدود. وأطلقت نيران خفيفة على أهداف داخل إسرائيل. 

•في الوقت عينه، يشهد الجولان تطوراً تاريخياً فائق الأهمية، إذ يبدو أن النظام السوري الذي نجح في الماضي بطرد المتمردين من جيب القنيطرة بعد نجاحهم في السيطرة عليه لوقت قصير، يواجه هذه المرة صعوبات كبيرة في طردهم من المنطقة. في هذه الأثناء تغادر قوة المراقبين الدوليين مواقعها على الحدود في إثر خطف الجنود الفيجيين وتهديد الكتائب الأخرى.

•تحمل هذه التطورات دلالة ضمنية مزدوجة هي: تلاشي الوجود العسكري السوري على الحدود مع إسرائيل بصورة تدريجية وحلول جيران جدد محله أكثر عداء لإسرائيل وأقل استقراراً؛ كما أن نظام الرقابة الدولية للجولان الذي وضع بعد حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] سيختفي عملياً في المستقبل.

•إذا لم ينجح الجيش السوري في استعادة سيطرته على معبر القنيطرة في وقت قريب، فإنه سوف يجد نفسه محشوراً في الممر الواقع شمال شرق المعبر الذي يربط المنطقة بدمشق. وبذلك تبقى لديه السيطرة على منطقة جبل الشيخ وعلى الجيب الذي يحيط بقرية الخضر الدرزية الواقعة تحت سيطرة ميليشيات درزية مؤيدة نسبياً للنظام. باستثناء ذلك تسيطر تنظيمات الثوار على جميع أنحاء المنطقة الواقعة جنوب القنيطرة حتى مثلث الحدود بين سورية وإسرائيل والأردن، إلى جانب ذلك تسيطر على جيوب صغيرة نسبياً شمال القنيطرة.

•وفي الواقع، لم تعد لقوة المراقبين الدوليين فائدة كبيرة في الظروف الحالية. وفي نهاية الأسبوع طُلب من الكتيبة الإيرلندية، وعلى ما يبدو بمساعدة إسرائيل، إنقاذ المراقبين الفليبينيين الموجودين في موقعين بالقرب من القنيطرة، وهم كانوا مهددين بالخطف من جانب مقاتلي جبهة النصرة التابعين للقاعدة. ولم تعد لتقارير المراقبين بشأن خرق اتفاق الفصل من جانب سورية أهمية كبيرة في الظروف الناشئة.

•صحيح أن إسرائيل تستعين بالأمم المتحدة من أجل نقل احتجاجاتها وتهديداتها إلى دمشق عندما تنزلق النيران إلى أراضيها مثلما جرى في الفترة الأخيرة أكثر من مرة، لكن باستثناء ذلك يبدو أن أهمية هذه القوة تتضاءل تدريجياً.

•حتى الآن لا ترى القيادة الأمنية الإسرائيلية خطراً مباشراً في سيطرة الثوار السوريين على معبر القنيطرة. واستناداً إلى تقارير في الإعلام العربي، حرصت إسرائيل خلال السنتين الأخيرتين على تحسين علاقاتها مع سكان القرى في الجزء الشرقي من الحدود من خلال إقامة مستشفيات ميدانية بالقرب من السياج حيث عولج مئات الجرحى السوريين.

•يسيطر على معبر القنيطرة نفسه مجموعة من تنظيمات معتدلة بقيادة الجيش السوري الحر، وهذه التنظيمات على ما يبدو ليست معنية بالدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. صحيح أن جبهة النصرة الأكثر تشدداً تنشط في الجولان وشاركت في احتلال المعبر، لكن جرى إبعادها عن قصد عن التماس مع الحدود الإسرائيلية في القنيطرة. 

•لكن على الرغم من ذلك، فانهيار ما بقي من الاستقرار في الجولان في الأسابيع الأخيرة يثير قلقاً كبيراً في إسرائيل. والقلق المباشر هو من انزلاق القتال إلى أراضينا عبر قذائف مدفعية وإطلاق نيران خفيفة. واعترضت طائرة من دون طيار (قد تكون سورية وراءها أو هي محاولة تحدّ من جانب حزب الله في ظل المعارك الدائرة). لكن هناك مشكلات أخرى منها أن التطورات تحدث بوتيرة سريعة بحيث إنه يصعب توقع متى سيكون لها انعكاس فعلي على وضع إسرائيل الأمني.

•إن الجهاز الأمني مستعد جدياً سلفاً للتغيرات التي يشهدها الجولان. ففي السنتين الأخيرتين جرى ترميم وتحسين السياج على طول الحدود السورية، كما جرى إنشاء أجهزة جديدة لجمع المعلومات الاستخباراتية، ونشرت قوات نظامية نوعية في المجال العملياتي على طول الحدود، وجرى استبدال قيادة الألوية القطاعية في الجولان بقيادة لها خبرة في هذا القطاع بالذات.

•لكن إسرائيل لا تعرف ماذا ينتظرها هناك. حتى الآن لم تسجل أي محاولة واضحة من جانب أي تنظيم جهادي معارض لنظام الأسد للقيام بهجوم على الأراضي الإسرائيلية. وبالنسبة للمرات التي شهدت حدوث هجمات مقصودة (تفجير عبوة ناسفة جرحت أربعة مظليين، وإطلاق صاروخ مضاد للمدرعات قتل شاباً)، كان الافتراض أن المسؤول عن ذلك هو معسكر الأسد وليس الثوار.

 

•لكن يجب أن ننظر إلى ما يجري هناك بالمقارنة مع ما جرى في سيناء. فخلال السنتين 2011 - 2012 وفي ظل ضعف السلطة المصرية، نفذت التنظيمات التابعة للقاعدة هجومين كبيرين في أراضي إسرائيل هما: قتل ثمانية إسرائيليين بالقرب من عين نطفيم، وتسلل بوساطة مدرعة مصرية مسروقة لم يسفر عن وقوع مصابين، بالقرب من كرم أبو سالم. وشارك في هذين الهجومين عشرات المخربين الذين نجحوا في تجاوز الحدود. ومثل هذه الهجمات تجري على الدوام في العراق وسورية ولبنان. ولا يمكن استبعاد احتمال حدوث محاولات مشابهة مثل تسلل مخربين انتحاريين وسيارات مفخخة إلى الحدود الإسرائيلية في الجولان.