•وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة الذي دخل حيز التنفيذ منتصف الليل، لا يحل مشكلتين أساسيتين لإسرائيل مع بدء الشهر الثاني لعملية "الجرف الصامد": الانهيار الكامل للشعور بالأمان في "غلاف غزة"، والصعوبة الكبيرة في إنهاء العملية العسكرية بصورة حقيقية.
•ومن أبرز دلائل انهيار الإحساس بالأمان تمرد سكان ناحل عوز ورفضهم العودة إلى الكيبوتس. إن الفارق بين "الإحساس بالأمان" و"مستوى الأمان" هو قبل كل شيء نفسي وذاتي، ولن يستطيع الجيش الإسرائيلي حل المشكلة بأي طريقة ما دام هناك خوف مهما كان ضئيلاً من الأنفاق التي تؤدي إلى الكيبوتس، إلى جانب استمرار سقوط قذائف المدفعية.
•كانت دعوة رئيس الأركان الأسبوع الماضي سكان غلاف غزة للعودة إلى منازلهم، سابقة لأوانها ولم تلق استجابة. وقبل كلام رئيس الأركان، كان تقدير العديد من المسؤولين في وزارة الدفاع أنه سيكون صعباً إعادة سكان غلاف غزة إلى منازلهم. كما دعت أطراف أمنية في نقاشات داخلية إلى "دعم" السكان بجنود يعيشون بينهم، مثلما كان يفعل الناحل قبل عشرات السنين. وأقيم الكيبوتس المتمرد ناحل عوز في إطار البؤر الاستيطانية الواقعة تحت سيطرة الناحل، عندما كانت المنطقة تتعرض لهجمات إرهابية من حي الشجاعية القريب. ويبدو أن هذه الأيام رجعت.
•وفي ما يتعلق بوقف النار، ترددت القيادة الأمنية والسياسية يوم الأحد في ما إذا كان عليها القبول بالطلب المصري لوقف النار 72 ساعة جديدة بعد أن خرقت "حماس" وقف النار السابق يوم الجمعة، وفي النهاية تقرر الاستجابة للطلب. وتعكس هذه الموافقة الصعوبة التي تواجهها إسرائيل في توفير آلية لوضع نهاية حقيقية لعملية "الجرف الصامد". ومنذ اليوم الأول كان الجهاز المسؤول عن آلية إنهاء القتال هو شعبة التخطيط في قيادة الأركان العامة، في حين كانت الأجهزة الأخرى مسؤولة عن القتال بحد ذاته.
•إن العقبة الأساسية التي لا تسمح بالتوصل إلى آلية لإنهاء القتال هي مواصلة "حماس" إطلاق الصواريخ وقذائف المدفعية في اتجاه إسرائيل. وعلى الرغم من أن مطالب "حماس" الأساسية موجهة إلى مصر (فتح معبر رفح الحدودي) والسلطة الفلسطينية (دفع رواتب 43 ألف موظف في "حماس") إلا أنها لا تمارس أي ضغط عليهما، ولا مشكلة لديها في إجراء المفاوضات في القاهرة لأسابيع.
•بالنسبة لإسرائيل، من الممكن البحث في إعطاء "حماس" إنجازاً رمزياً يسمح لها بالنزول من على الشجرة ووقف القتال. لكن بالنسبة لمصر والسلطة، فمن مصلحتهما إذلال "حماس" حتى النهاية. في ظل هذا الوضع، تحتاج إسرائيل إلى وسيلة عسكرية وسياسية مبتكرة من أجل الحؤول دون وقوع حرب استنزاف طويلة من شأنها أن تفرّغ غلاف غزة من سكانه بصورة كاملة.