•يعمل رئيس الاستخبارات المصرية محمد فريد التهامي على بلورة اتفاق أولي أساسه وقف إطلاق النار وتقديم تسهيلات إنسانية. واستناداً إلى الخطة التي يجري العمل عليها، يتسلم رجال أبو مازن الرقابة على محور فيلادلفي ويعملون على منع التهريب عبر الأنفاق المحفورة في المنطقة الفلسطينية بالقرب من رفح.
•ويقترح الاتفاق أن تقوم القوات التابعة لأبو مازن بمراقبة فتحات الأنفاق في الجانب الفلسطيني أو تدميرها، في حين يتولى المصريون مسؤولية ما يجري في الجانب المصري من رفح كما هو الوضع حالياً. وبهذه الطريقة تفرض رقابة مزدوجة على جانب محور فيلادلفي وعلى الأنفاق. هذا هو فحوى الاقتراح المصري الذي قُدم إلى الوفد الفلسطيني. ويبدو أن مصر مستعدة لفتح معبر رفح الذي سيخضع لرقابة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. كما يبدو أن أنصار أبو مازن مستعدون من حيث المبدأ للموافقة على هذا الاقتراح في إطار حكومة مصالحة مع "حماس" لأنه يمنحهم موقعاً في قطاع غزة.
•وفي إطار التسوية المصرية، طُلب من إسرائيل تسهيل مرور البضائع عبر معبر كرم أبو سالم وعبور الأشخاص بين القطاع والضفة عبر معبر إيرز. ويبدو أن إسرائيل مستعدة للموافقة على ذلك. كما أنها مستعدة لتوسيع منطقة الصيد البحري للفلسطينيين في غزة، لكنها تطالب بأن يكون لها حق الرقابة على منطقة أمنية تقع وراء السياج المحيط بغزة من أجل مراقبة التنظيمات الفلسطينية ومنعها من حفر الأنفاق.
•وليس واضحاً ما إذا كان المقصود وجوداً دائماً ضمن المنطقة الأمنية التي تطالب بها إسرائيل، أم أن المقصود هو حق التوغل في كل مرة يظهر فيها شك بأن نفقاً يجري حفره باتجاه أراضي إسرائيل. واستناداً إلى الخطة المصرية، فإن السلطة الفلسطينية بالإضافة إلى توليها الرقابة على معبر رفح وعلى محور فيلادلفي، يتعين عليها الموافقة على نقل أموال من قطر لدفع رواتب 43 ألف موظف في حكومة "حماس" لم يتقاضوا رواتبهم منذ زمن طويل.
•وتجري المساعي للتوصل إلى اتفاق في القاهرة، وأيضاً عبر اتصالات هاتفية بين إسرائيل ومصر والسلطة والولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، ويشارك فيها موفد الأمم المتحدة روبرت ساري. وفي الواقع، تشمل هذه التسوية مستويين أو خطوتين متوازيتين:
1-حلاً فورياً يشمل وقف إطلاق النار وتسهيلات إنسانية للفلسطينيين في غزة.
2- إعلان تأييد دولي لخطوة أساسها منع "حماس" من بناء قوتها العسكرية من خلال رقابة فلسطينية أو دولية، بالإضافة إلى سلة كبيرة من المساعدات من أجل إعادة إعمار القطاع.
•حتى الآن لم يذهب الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة لأن الأمر ليس ضرورياً، فقد سبق للوفد الذي عاد يوم الجمعة أن أوضح للمصريين مواقف الحكومة الإسرائيلية من التسوية الأولية، وحتى الآن لم يتصل الوسطاء المصريون هاتفياً ليطالبوا بتغيير أي شيء في الاقتراح الإسرائيلي، وبهذه الطريقة يستطيع نتنياهو أن يقول من دون تردد إنه لا يفاوض تحت النار.
•توجد مصالح مشتركة بين مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية في الخطة المصرية التي يحاول رئيس الاستخبارات المصرية تسويقها في محادثاته مع الفلسطينيين. حتى الآن لا تزال "حماس" متمسكة بمطالبها، لكن استناداً إلى تقديرات في القاهرة والقدس فهي ستوافق في نهاية الأمر على وقف إطلاق نار وشروط التسوية الأولية، ومن بعدها ستبدأ المفاوضات على "التسوية الكبرى".
•ومن المحتمل أن تطلق إسرائيل أسرى لم يُطلق سراحهم في إطار الدفعة الرابعة كبادرة حسن نية لأبو مازن بهدف تعزيز موقعه. لكن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى كذّبت الأخبار التي تحدثت عن الاستعداد لإطلاق أسرى صفقة غلعاد شاليط الذين أعيد اعتقالهم بعد خطف الشبان الثلاثة ومقتلهم. أما الأنباء التي تحدثت عن عدد الجثث التي سيجري تبادلها مقابل أجزاء من جثث أورون شاؤول وهدار غولدِن، فهي مجرد حرب نفسية هدفها تجنيد الرأي العام في إسرائيل للضغط على الحكومة للموافقة على هذه الصفقة. وحتى الآن لا توجد اتصالات في هذا الصدد.
•في هذه الأثناء وعلى الساحة الدولية، تدور اتصالات تتعلق بالخطة التي قدمتها الوزيرة تسيبي ليفني وتقترح حلاً من مستويين: مظلة دولية بمشاركة الولايات المتحدة والأوروبيين وحتى الأمم المتحدة، تشارك في إعادة إعمار القطاع وتمويله، لكن في الوقت نفسه تحرص على وضع ترتيبات رقابة صارمة لمنع تعاظم قوة "حماس" وسائر التنظيمات الفلسطينية بالتعاون مع مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية وجهات دولية. كما تقترح الوزيرة ليفني أن يجري تحت هذه المظلة الدولية التوصل إلى تسوية إنسانية تشمل وقف إطلاق نار نار ثابت.
•في هذه الأثناء تواصل "حماس" إطلاق صواريخ على إسرائيل بعدد قليل. فالحركة لا تريد إثارة غضب مصر وخسارة نقاط في نظر الرأي العام العالمي والفلسطيني، لذا فهي تسمح للجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية بإطلاق صواريخ محدودة. ويسمح أسلوب العمل هذا لـ"حماس" بالمحافظة على مخزونها من الصواريخ، بما فيها الصواريخ الثقيلة القليلة الباقية لديها، من أجل مواصلة القتال أو لإطلاق صليات أخيرة في حال احتاجت إلى ذلك.
•وتقوم إسرائيل بمهاجمة أهداف حددتها الاستخبارات بينها منشآت قيادة وسيطرة هاجمتها سابقاً وتحاول الحركة استخدامها من جديد. لكنها تحرص هي أيضاً على العمل بصورة محدودة كي لا تؤذي مساعي مصر في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار ثابت وغير محدود زمنياً.