الجمهور الإسرائيلي مصدوم من ثمن العملية لكن الأغلبية تؤيّدها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس (الأحد) رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع يعلون في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، جاء في محلّه. فالجمهور الذي أُبلغ قبل ساعة من المؤتمر رسمياً بالعدد الكبير من الجنود الذين قتلوا في الأيام الماضية في غزة، كان بحاجة إلى سماع ما لدى المسؤولين. لقد ظهر نتنياهو ويعلون متفقين، هادئين ومصرّين على تحقيق الهدف المعلن للعملية أي "إعادة الهدوء لفترة طويلة" و"توجيه ضربة قاسية لحماس".

•وكان مهماً ردّ نتنياهو على سؤال لماذا وافق على مبادرة مصر لوقف النار يوم الثلاثاء الماضي برغم علمه بالخطر الاستراتيجي لأنفاق الجحيم. قال: "موافقتنا ساعدتنا في الحصول على الشرعية والتأييد الدولي للعملية". 

•وبرغم الثمن الفادح الذي دُفع يوم أمس، فثمة انطباع بأن أكثرية الإسرائيليين لا تزال تدعم العملية. لكن هذا الرأي العام الإسرائيلي مدلّع ومتقلب، وهو يريد انتصاراً مدوياً وقاطعاً، لكن بأقل ثمن ممكن من حياة الجنود. وأي نتيجة لا تتضمن هذين العنصرين لا تعتبر "انتصاراً". لكن هزيمة "حماس" في ساحة القتال وإلحاق ضربة موجعة ببنيتها التحتية وتصفية قيادتها العسكرية، من شأنها تحصد ثمناً فادحاً من حياة العديد من الجنود، ومحاولة الخروج من هذه المعركة بأقل قدر ممكن من القتلى بين قواتنا سيأتي حتماً على حساب الأهداف العسكرية، أي من دون حسم قاطع وواضح.

•من الصعب رؤية كيف ستحقق عملية "الجرف الصامد" هذين الهدفين: الحسم الذي يرضي الناس، وعدد القتلى الذي يقبل به الجمهور. إن رأياً عاماً متذمّراً يشعر بالمرارة والغضب بشارة سيئة لنتنياهو وصموده السياسي، وسيكون له في ما بعد انعكاساته. يمكننا اليوم أن نفهم لماذا لم يسارع نتنياهو ويعلون وغانتس إلى إرسال القوات البرية إلى غزة. لقد انتظروا حتى استنفدوا جميع الاحتمالات الأخرى ولم يعد أمامهم خيار آخر. وهم يدركون أكثر من كل الذين يصرحون في استديوات التلفزيونات وفي الأروقة السياسية أهمية المسألة والمخاطر التي تتهدد جنودنا في الأزقة والحفر والمغاور وأنفاق التراب.

•لقد أوضح نتنياهو أمس أن العملية ستستمر قدر ما تقتضي الضرورة. وتحدث عن توسيع العملية البرية وتعميقها، ودعم يعلون موقفه. لقد كان على الاثنين أن يقولا ما قالاه في ضوء ما حدث بالأمس. فكل دليل على تردد أو ضعف أو تخوف من شأنه أن يقوي "حماس" ويبعث فيها الروح.

 

•يمكننا افتراض أنه يتنازع شعوران متناقضان: فهو من جهة يريد المضي قدماً بكل قوة وشدة وضرب تنظيم الإرهاب ودفعه إلى الندم على التسبب بكل هذه الفوضى. لكنه من جهة ثانية يسره تقليص الخسائر، والتوقف في مدى منظور، والتوصل إلى تسوية سياسية يستطيع أن يقدمها كإنجاز، مقابل الضربة التي تلقتها "حماس". وهذه معضلة صعبة.