•يبدو أن الجيش الإسرائيلي التزم أهداف العملية (المتواضعة نسبياً) التي وضعها له المستوى السياسي في بدايتها، أي توجيه ضربة قوية إلى "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي من دون إسقاط سلطة الحركة في القطاع، وتقليص المس بالجبهة الداخلية وتعزيز الردع من أجل تحقيق فترة هدوء جديدة طويلة قدر الإمكان.
•وتستطيع "حماس" في حال قبولها المبادرة المصرية] أن تشير برضى إلى أنها حققت "إنجازات اقتصادية" تسمح لها بالنزول عن الشجرة العالية التي صعدت إليها. لكن عسكرياً، فما حدث إخفاق كبير لكل من "حماس" والجهاد الإسلامي. فأكثر من 9000 صاروخ بينها صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى (أكثر من 90% منها من صنع محلي في القطاع والباقي مهرب من سورية وإيران)، لم تنجح في إيقاع قتيل واحد، أما الأضرار فهي قليلة، والحياة في جنوب إسرائيل ووسطها ظلت عادية تقريباً، والمطار لم يُغلق.
•وفي المقابل، الثمن الذي دفعته "حماس" والجهاد الإسلامي كان كبيراً جداً. وتضمن مقتل 90 ناشطاً (من أصل نحو 200 قتيل، نصفهم من المدنيين)، وتدمير نصف منشآت تصنيع الصواريخ ونحو ثلث قواعد إطلاقها. كما جرى قصف 200 مبنى معظمها يعود لمؤسسات حكومية للحركة أو قيادات عسكرية (بينها منازل شخصية لقياديين).
•كان رد فعل العالم العربي حيال "حماس" بارداً. كذلك لم تنجح الحركة في تحريض الشارع العربي في إسرائيل ولا في إخراج الناس إلى الشوارع في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، والمفاجآت العسكرية التي أعدتها "حماس" منيت بالفشل، أما الحرب النفسية التي شنتها فكانت مثيرة للشفقة.
•هناك مجموعة ظروف جعلت الجيش الإسرائيلي يخوض هذه المواجهة ضمن "نطاق" محدود مع تفوق استخباراتي وتكنولوجي مطلق (ويجب أن نذكّر هنا بدور منظومة القبة الحديدية ومساهمتها في تهدئة الجبهة الداخلية).
•إذا وافقت "حماس" على شروط وقف النار، فيجب عدم الانجرار وراء المشاعر الملتهبة والمقابلات التلفزيونية التي تصف وقف النار بـ"التعادل" أو أنه "خضوع لحماس". صحيح أن إنجازات الجيش الإسرائيلي لم تكتمل بعد، لكن من خلال المحادثات مع مصر يمكن العمل على منع تسلح الحركة بالصواريخ من جديد بانتظار الجولة المقبلة (مثلاً بواسطة منع عبور آلات إنتاج هذه الصواريخ إلى غزة بدلاً من تلك التي دمرت).
•لكن من المهم أن ندرك أن الشروط التي خاضت فيها إسرائيل عملية "الجرف الصامد" كانت شروطاً ممتازة قد لا تتكرر. فحرب لبنان الثالثة التي ستنشب عاجلاً أم آجلاً لن تكون سهلة إلى هذا الحد.