•يدخل الجيش الإسرائيلي و"حماس" اليوم الثاني لعملية "جرف الصخر الصامد" مع توجهين مختلفين: فقد استخدمت "حماس" يوم أمس (الثلاثاء) أغلبية السلاح الذي أعدته لمواجهة هذه الجولة من القتال، لكنها لم تنجح في التسبب بأضرار كبيرة لإسرائيل؛ في حين بدأ الجيش الإسرائيلي هذه العملية بصورة معتدلة، وهو يعمل منذ ذلك الحين وفق خطة تقضي بمهاجمة أهداف مدروسة، وتزداد شدة شيئاً فشيئاً.
•إن هدف الجيش الإسرائيلي هو استخدام الضغط التدريجي المتصاعد من دون استنفاد جميع الأهداف النوعية للهجوم خلال يومين أو ثلاثة. وهذا الضغط المتصاعد القصد منه أن يدفع "حماس" إلى التفكير بجدوى القتال في كل لحظة.
•إن صورة الأوضاع في نهاية اليوم الأول للقتال في عملية "جرف الصخر الصامد" تبدو على الشكل التالي: حاولت "حماس" بمساعدة الجهاد الإسلامي شن هجوم كثيف على أراضي إسرائيل. هذا هو السبب الذي دفعها إلى إرسال خلية بحرية للقيام بهجوم على منطقة زيكيم، وإطلاق صليات من الصواريخ على مناطق واسعة في إسرائيل، بما فيها تل أبيب والشارون والقدس، ووصل القصف إلى الخضيرة. وقد أضيفت بالأمس جبهة جديدة هي القتال على المعبر الذي حفرته "حماس" طوال أشهر في منطقة كرم سالم ودمره الجيش الإسرائيلي.
•في مقابل الهجمات، حاولت "حماس" بواسطة ناطقيها أن تبعث رسائل تفيد أنها مستعدة للعودة إلى تفاهمات ما بعد عملية "عمود سحاب" شرط أن تطلق إسرائيل المحررين في صفقة غلعاد شاليط الذين اعتقلتهم بعد خطف ومقتل الشبان الثلاثة من غوش عتسيون. ولو استجابت إسرائيل إلى طلب الحركة وطلبت وقف إطلاق نار شبه فوري، لكان ذلك سيشكل إنجازاً مهماً للحركة.
يبدو أن استراتيجية "حماس" لم تنجح بسبب بطاريات القبة الحديدية. والمشكلة في هذه الاستراتيجية أن مخزون الحركة من الصواريخ البعيدة المدى في غزة أقل بكثير مما كان عليه خلال عملية "عمود سحاب". وفي المقابل، فإن كميات بطاريات صواريخ "القبة الحديدية" التي يملكها الجيش أكبر بكثير، وجزء منها من الجيل الثاني ذي القدرات الأكثر تطوراً.
•والمهم أنه لم تظهر هيستيريا في الجبهة الداخلية وهو ما خيّب أمل الذين يديرون القتال في قطاع غزة. لكن ثمة دور للحظ هنا، فمعدل نجاح بطاريات القبة الحديدية لا يصل إلى مئة في المئة، وسقوط صاروخ واحد في منطقة سكنية ووقوع إصابات قد يغير الصورة.
•من المحتمل أن يكون لدى "حماس" مفاجأة أو اثنتان، مثل الصاروخ الذي وصل إلى الخضيرة على بعد 120 كيلومتراً من قطاع غزة، ولم تكن اسرائيل على علم بحيازتها له.
•في هذه الأثناء يعمل الجيش الإسرائيلي وفق خطة هجوم على أهداف تتضمن المئات، وتم حتى الآن مهاجمة 98 مخبأ لصواريخ بعيدة المدى ومصانع لإنتاج صواريخ حديثة ومنازل خاصة لشخصيات أساسية في "حماس".
ويبدو أن استدعاء الاحتياطيين الذي وافقت عليه بالأمس القيادة السياسية، يدخل ضمن هذه الخطة المدروسة. فقد صدر الأمر باستدعاء 40 ألف جندي احتياطي، لكن أغلبية هؤلاء أرسلوا إلى الجبهة الشمالية للحلول مكان الجنود النظاميين الذين جرى تجميعهم بالقرب من القطاع. ومن المنتظر أن تستمر عملية إشراك الاحتياطيين في العمليات وتجميع القوات النظامية والإعداد لعملية برية بضعة أيام على الأقل.
•تعتبر عملية "جرف الصخر الصامد" من العمليات التي خاضها الجيش والطبقة السياسية من دون حماسة. لكن نظراً إلى عدم تحديد أهداف علنية بعيدة المدى لهذه العملية مثل "نزع سلاح حماس"، فمن المتوقع أن تستمر حتى توافق الحركة على وقف النار غير المشروط. والهدف من تجميع القوات في مواجهة القطاع هو قبل كل شيء زيادة الضغط على متخذي القرارات في "حماس".
•لكن على الرغم من ذلك، نأمل ألا يحتاج الجيش إلى عملية برية لأن احتمال تعقد الأمور كبير، ولا سيما أن الجيش الإسرائيلي لم يحضر نفسه لذلك بصورة متواصلة خلال أشهر طويلة، مثلما فعل في عملية "الرصاص المسبوك" في كانون الثاني/يناير 2009. في خطاب الأمس أعدّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الجمهور لاستمرار القتال فترة من الزمن، ولكن هل سترفع "حماس" الراية البيضاء قبل ذلك؟