العملية العسكرية رسالة قد تتطور إلى حرب واسعة النطاق
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إن الهدف من عملية "جرف الصخر الصامد" تمرير رسالة واضحة وقاطعة إلى "حماس" مفادها أن إسرائيل لن تسمح بتعرض أراضيها إلى هجمات صاروخية. لكن ثمة تخوف من أن تتطور هذه الرسالة إلى حرب واسعة النطاق لا يمكن التنبؤ بنتائجها مسبقاً. فبالأمس قرر المجلس الوزاري تعبئة عشرات آلاف من جنود الاحتياط الا بعد تعرض إسرائيل إلى عشرات الصواريخ، وقتل نحو 29 فلسطينياً على الأقل في هجمات الجيش الإسرائيلي. وجرى استخدام الدينامية المعهودة في مثل هذه الظروف، أي نقل رسائل سياسية من طريق مصر والولايات المتحدة، ثم هجمات معزولة، والآن عملية أوسع.

•إن الانقسامات في المجلس الوزاري الأمني بين مؤيدي استخدام "القبضة القوية" التي تعاقب وتنتقم، ومؤيدي الحذر وضبط النفس، تشير إلى أن رئيس الحكومة يدرك حدود العملية العسكرية وانعكاساتها السياسية والاقتصادية. وقد انعكس ذلك في الادراك بأن ميزان الردع بين إسرائيل و"حماس" على الرغم من الفوراق الكبيرة بينهما في القدرات العسكرية، هو الذي يفرض حجم الرد الإسرائيلي.

•لقد شكل هذا الإدراك لمدة طويلة أساس التفاهمات غير الرسمية بين إسرائيل و"حماس" عندما وافقت إسرائيل على تحميل الحركة مسؤولية الهدوء في القطاع وطلبت منها تحمل مسؤولية تنفيذه. وفي الواقع امتنعت "حماس" حتى الفترة الأخيرة عن المشاركة في اطلاق الصواريخ، وعملت على منع إطلاقها من جانب التنظيمات التي لا تخضع لإمرتها.

•تدرك إسرائيل أن "حماس" ستظل بعد عملية "جرف الصخر الصامد" القوة المسيطرة في غزة ولذا امتنعت عن ادخال "تدمير بنية الارهاب" -الرمز المعطى لتدمير زعامة "حماس"- بين أهداف العملية. لكن في المقابل، فإن الضغط الشعبي الذي تتعرض له الحكومة ومعاناة سكان الجنوب وإصابة منازلهم، ووقف الدروس وتوقف الأعمال، كل ذلك يغري بتحرك أقوى وأوسع. ويستند هذا الإغراء إلى وهم النظرية القائلة "لننهِ المسألة مرة واحدة وإلى الأبد"- وهي نظرية أثبتت فشلها مرة تلو الأخرى في عمليات سابقة.

 

•المطلوب من رئيس الحكومة المناورة بحذر بين هذين النقيضين، حتى لو كان وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يتآمر عليه، ونفتالي بينت يصوره بصورة المتردد. لكن في ظل وضع لا تجري فيه مفاوضات سياسية، والضفة تغلي وتهدد بانتفاضة جديدة، فإن ضبط النفس العسكري ليس دليلاً على ضعف بل هو دليل إدراك مدى قابلية الوضع للانفجار. وفي مثل هذه الظروف يتعين على السياسي أن يخلي مكانه لرجل الدولة، وأن يحرص على عدم انجرار إسرائيل إلى أماكن لا ترغب في الانجرار اليها.