الجيش الإسرائيلي يحفف من توقعات الجمهور بشأن إعادة المختطفين في وقت قريب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بعدما مضى أسبوعان منذ اختطاف الشبان في غوش عتسيون، بدأ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بيني غانتس يخفض تدريجياً من مستوى توقعات الجمهور لنتائج عملية "عودة الإخوة" [عودة الأبناء]. فقد قال أمام عدسات آلات التصوير بالقرب من المنطقة التي تنحصر فيها أعمال التمشيط قرب الخليل: "كلما مرّ الوقت، زاد الخوف على حياة المختطفين".

•إن إعداد الرأي العام لاحتمال أن تنتهي العملية بصورة سيئة- مثل العثور على جثث المختطفين، أو ما هو أفظع كاستمرار اللغز شهوراً طويلة- ليس من مهمات الجيش الإسرائيلي بالضرورة. لكن مع تكرار المتحدثين الرسميين للصيغة المعتمدة بأن "فرضية العمل هي أن الثلاثة أحياء"، وسّع غانتس نطاق هذه الفرضية قليلاً، فهي صحيحة في ظلّ عدم وجود أدلة قاطعة أخرى، لكن الوقت يمرّ وتجربة الماضي ومعطيات أخرى يظهرها التحقيق الجاري، لا تبشر بخير. إن عدم وجود دليل على أن المختطفين أحياء يشير إلى أن الخاطفين محترفون، أو أنهم فروا من المنطقة على الرغم من أنه ليس هذا هو التقدير السائد في أجهزة الأمن. 

•في هذه الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي أن العملية ستستمر وستركز على هدفها، أي تحديد مكان الخاطفين والقضاء على خلية "حماس" المسؤولة عن عملية الخطف. وبذلك أُعلن رسمياً التوجّه الذي بدأت بشائره في الظهور مطلع الأسبوع، أي تخفيض التحركات التي رافقت عملية الأسبوع الماضي والتي صوّرت كأنها معركة شاملة ضد "حماس". 

•إن اعتقال نحو 300 شخص من أنصار "حماس" وإعادة اعتقال المفرج عنهم في صفقة شاليط، ومداهمة مكاتب جمعيات الدعوة الموالية لـ"حماس"، جميع هذه التوجهات استنفدت. وبالأمس، أزال الجيش الإسرائيلي عدداً من الحواجز في منطقة الخليل. وخلال يومي الاثنين والثلاثاء، اعتقل أربعة فلسطينين فقط في الضفة الغربية، وهذا عدد أقل من من متوسط الاعتقالات اليومية التي كانت تجري في الفترة التي سبقت عملية الخطف.

•يبدو أن الجيش الإسرائيلي نزل عن الشجرة بحكمة، فالأهداف التي حددها نشأت من لا شيء، وذلك عندما بحثت الحكومة الأسبوع الماضي في الرد الملائم على الخطف. لكن منذ اللحظة التي أفضت فيها عمليات الاعتقال إلى مزيد من الاحتكاكات مع السكان الفلسطينيين في المدن والقرى، ونظراً إلى أن أغلبية الاعتقالات التي جرت خارج منطقة الخليل لم تساهم في تقدم التحقيق، فضّل الجيش التوقف عنها. وصدرت الأوامر بإرسال لواء مشاة للقيام بتمشيط المنطقة المفتوحة شمالي غربي الخليل، وجرى ذلك مع ضبط نفس ومن دون مواجهات تذكر بين هيئة الأركان العليا للجيش والطبقة السياسية. 

•لكن المعضلة التي تواجهها الحكومة هي أكثر تعقيداً بكثير من معضلة الجيش. ففي غياب أيّ تقدم استخباراتي، من المنتظر أن يتزايد الضغط الشعبي للحصول على نتائج ملموسة للعملية التي بدأت متأخرة، بسبب نجاح "حماس" في القيام بعملية الخطف أصلاً.

•في هذه الأثناء، نلحظ تصريحات من المجتمع الدولي وانتقادات لا تتسم بالحدّة لنشاط الجيش الإسرائيلي ومقتل أربعة شبان فلسطينيين في المواجهات، انضم اليها طوني بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية. وعلى الرغم من المسعى الإسرائيلي، فقد اكتفت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي حتى الآن بالتعبير عن تعاطفها مع مأساة عائلات المختطفين لا أكثر. وبينما سيطر موضوع الخطف على جدول الأعمال الوطني في إسرائيل، فإنه لا يبدو كذلك بالنسبة إلى واشنطن ولندن. 

 

•من بعيد، تختلط الأخبار من إسرائيل بتقارير صحافية عن حوادث خطف وعمليات انتحارية دموية ومذابح جماعية في العراق وسورية، وفي لبنان بصورة أقل. وعندما يتعرض الذين يشاهدون التلفزيون في الغرب للقصف يومياً بأفلام فيديو تصور إعدام مدنيين ورمي جثثهم في الحفر كما يفعل رجال القاعدة في العراق وسورية، يتبلد تعاطفهم مع اختطاف الفتيان في ظل هذه الفوضى العارمة. أما فيما يتعلق بذهاب أمهات المختطفين الإسرائيليين إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فإن اللامبالاة كانت أكبر، ولا سيما في ظل التوجه المعادي لإسرائيل الذي تنتهجه هذه المنظمة حيالها منذ عدة سنوات.

 

 

المزيد ضمن العدد 1921