من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•خلال الثمانينيات وبعد مرور سنة على توليه منصبه، قال أحد مسؤولي الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية لضباطه "لقد فهمت ماذا نفعل هنا. نحن نغلق مكاتب كي نستطيع في المستقبل أن نفتحها، ونفتح مكاتب كي نغلقها لاحقاً".
•هذا هو جوهر ما تفعله إسرائيل الآن في الأسبوع الثاني من عملية "عودة الأخوة"[عودة الأبناء] في المناطق. وحتى مساء أمس (الخميس) لم يتحقق الهدف الأساسي للعملية- تحديد مكان الشبان الثلاثة الذي اختطفوا في غوش عتسيون واعتقال الخلية الخاطفة التابعة لـ"حماس". ولا يزال الجيش والشاباك يبحثان عن ثغرة أو معلومة صغيرة مهمة أو تفتيش بالمصادفة لأحد المارين على المعابر، قد يتطور أحدها إلى حل لألغاز هذه القضية. لقد مرت أوقات هذا الأسبوع بدا خلالها أن حل المسألة أصبح قريباً، لكن الأمل ما لبث أن تبدد. وفي حال تعرض الخاطفون للشباب ولم يعد هؤلاء على قيد الحياة مثلما حدث في معظم حالات الخطف السابقة في الضفة، فإن استكمال جمع المعلومات الاستخباراتية سيصبح أصعب.
•وكلما تأخر تحقيق الهدف الأساسي، ازدادت حاجة الطبقة السياسية وإلى حد ما العسكرية، إلى تحقيق إنجاز بديل. وهكذا وُلدت المعركة ضد "حماس" واقتحام مكاتب الجمعيات الخيرية وروابط الطلبة ومحطات الإذاعة. ليس هناك أدنى شك في أن أغلبية الأهداف التي اقتحمها الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة تابعة لـ"حماس"، وأن القسم الأكبر من 300 معتقل فلسطيني أوقفوا خلال الأسبوع الأول من العملية، هم أعضاء في الحركة. لكن يمكننا أن نؤكد أن قلة قليلة فقط منهم متورطة في الإرهاب بصورة فاعلة.
•إن إغراق الضفة بقوات من الجيش الإسرائيلي يهدف إلى زيادة الشعور بالأمن لدى المستوطنين وإظهار دينامية عسكرية، لكن علاقة ذلك بمسألة العثور على المختطفين واهية. فالمساعي المبذولة في هذا الإطار تجري بصورة أساسية من خلال تعاون بين الشاباك وشعبة الاستخبارات في الجيش والوحدات الخاصة التي تتمركز في منطقة الخليل. وفي هذه الأثناء، مع عدم العثور على المختطفين، يتركز الاهتمام على الإحصاءات مثل عدد المشتبه بهم الذين اعتقلوا وعدد المكاتب التي أُغلقت، وأجهزة الكمبيوتر التي صودرت.
•إن ادعاء أن هذا الأمر سيؤدي بالضرورة إلى إضعاف "حماس" ليس مقنعاً، فمن له مصلحة واضحة في محاربة النشاط المدني- السياسي لـ"حماس" هو السلطة الفلسطينية. وسبق أن فعلت هذا بصورة جيدة خلال السنوات الممتدة من العام 2008 حتى العام 2013، ولهذا لم تتدخل إسرائيل في الموضوع وركزت عملها على اعتقال أعضاء الذراع العسكرية للحركة (لا يبدو أنها اعتقلتهم كلهم والدليل حادثة الاختطاف الأخيرة).
•خلال الأشهر الأخيرة، خففت السلطة وتيرة هذه الإجراءات على خلفية اتفاق المصالحة. ولكن من المحتمل أن تستأنف جهودها بسبب غضبها على "حماس" التي ورطتها في قضية الخطف.
•يجب أن يترافق إعلان الحرب الإسرائيلية على "حماس" بتخطيط طويل الأمد وبالصبر، وهاتان ميزتان لا تتمتع بهما إسرائيل بصورة عامة. ويجب التعامل مع كلام القيادة بشأن الإصرار والمثابرة بشيء من الحذر، فالظروف قد تتغير ويجب عدم استبعاد حدوث تعقيدات تؤثر في استمرار العملية. فعلى سبيل المثال، ما يزال قطاع غزة هادئاً نسبياً، لكن نشر بطاريات القبة الحديدية في الجبهة الداخلية يدل على أن الجيش ليس مقتنعاً بأن هذا الجو سيستمر. كما أن الإحباط الإسرائيلي من عدم تحقيق نجاح في الضفة، قد يؤدي إلى تشديد الخناق على "حماس" في غزة.
•في سنة 2001 وخلال السنة الأولى من الانتفاضة الثانية، شنّ الجيش عملية في شمال غزة رداً على إطلاق صورايخ من هناك على سديروت. يومها سُئل قائد العملية العميد يائير نافيه (الذي أصبح بعد سنوات نائباً لرئيس الأركان)، عن الوقت الذي ستستغرقه العملية فأجاب: "كل الوقت الذي تحتاج إليه، أيام، أسابيع، وحتى أشهراً". وبعد مرور بضعة ساعات تدخلت الإدارة الأميركية، واضطرت حكومة شارون إلى التراجع، وخلال أقل من يوم أصبحت جميع القوات خارج القطاع.
•إلى جانب تحديد مكان المختطفين، فإن عملية "عودة الإخوة" تهدف إلى الانتقام لجريمة بشعة استهدفت شباناً يافعين. لكن إسرائيل تفتقر إلى أهداف للهجوم، إذ لم يبق في الضفة مطلوبين كثيرين من الذراع العسكرية لـ"حماس" معروفين من الشاباك، فالآخرون اعتقلتهم إسرائيل أو أجهزة الأمن في السلطة منذ فترة. في هذه الأثناء يضغط الطاقم السياسي على القيادة الأمنية كي تقدم له أهدافاً جديدة للموافقة عليها، وتحديد مكاتب تابعة لجهاز "الدعوة" والبنية التحتية للمساعدات الخيرية المدنية لـ"حماس". لكن تبدو الافتراضات الأساسية التي تستند إليها الحملة غير متينة. ويبدو أن الذاكرة الإسرائيلية ضعيفة، فقد سبق أن بادرت إسرائيل إلى عمليات واسعة ضد "الدعوة" في الضفة بعد خطف شاليط سنة 2006، لكن هذا لم يمنع سيطرة "حماس" على القطاع بعد عام. وهناك جزء من صناديق الوثائق التي صودرت لم تُفتح بعد، وثمة صعوبة كبيرة في ترجمة المعلومات التي تجمع في هذا المجال إلى أدلة قانونية أو مكسب دعائي.
•من المحتمل أنه خلال بضعة أيام سيبدأ محامو الدفاع عن "حماس" في تقديم شكاوى إلى محكمة العدل العليا تطالب بإطلاقهم وإعادة أجهزة الكمبيوتر التي صودرت.
•يقول ضابط إسرائيلي عمل سنوات طويلة في هذا المجال: "آلية العمل الفلسطينية محكمة للغاية، وتعرف "حماس" كيف لا تترك آثاراً لنشاطها المالي. والهجوم الواسع على أهداف مدنية لن يسكت عنه الجمهور الفلسطيني لوقت طويل، وسوف تزيد هذه العملية لطخة التعاون مع العدو التي تلصقها "حماس" بالسلطة".
•بالأمس ذكرت مصادر أمنية لـ"هآرتس" أنه في تقدير الاستخبارات الإسرائيلية أحدث الخطف شرخاً بين السلطة و"حماس" يمكن أن يؤدي إلى وقف مسار المصالحة الفلسطينية. لكن يتعين على إسرائيل ألا تبالغ في توقعاتها. وهنا يُطرح السؤال: هل لن تتوقف هذه العملية إلى أن يتراجع عباس عن اتفاق المصالحة علناً؟
•هذا الأسبوع قال شخص تولى مناصب رفيعة في الاستخبارات، إن توسيع النشاط الاستخباراتي ليشمل الشبكة المدنية لـ"حماس" سيلحق الضرر بـمسعى تحديد مكان المختطفين. وأضاف: "إن العثور على المختطفين هو الهدف الأول الذي يجب أن تتركز عليه الجهود كلها. وكل ما عداه هو بمثابة تحويل للانتباه وتضييع للأمر الأساسي."
•بمعنى آخر، فإن هدفي العملية الجارية حالياً يتعارضان.
•لقد جرى توسيع أهداف العملية من دون أي أثر لنقاش عام. وبعد مرور أسبوع لم يدع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعد لجنة الخارجية والأمن في الكنيست إلى الاجتماع. وهذا يعني عودة إلى الأيام المشؤومة لغياب الرقابة البرلمانية خلال حرب لبنان الثانية.