الانفصال عن الفلسطينيين مصلحة إسرائيلية صرفة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

·      لا شك في أن إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أخيراً أنه لا مناص من الانفصال عن الفلسطينيين، يعتبر أمراً دراماتيكياً للغاية.

·      ووفقاً لما نُقل عن رئيس الحكومة من أقوال أدلى بها خلال اشتراكه في الاجتماع المغلق الذي عقدته لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الأسبوع الفائت، فقد أكد نتنياهو ما يلي من ضمن أمور أُخرى: "لا أريد دولة واحدة من البحر [الأبيض المتوسط] حتى النهر [نهر الأردن]... حتى لو كان الميزان الديموغرافي لا ينقلب في غير مصلحتنا وتوجد أغلبية يهودية، تبقى هناك حاجة إلى أن تكون هذه الأغلبية اليهودية جلية وأن تكون [إسرائيل] دولة ديمقراطية... بناء على ذلك ينبغي الوصول إلى الانفصال... هكذا نحصل على أغلبية يهودية مضمونة، وكذلك قدرة على المناورة لفترة زمنية معينة في مواجهة بعض دول العالم العربي."

·      علينا أن نأخذ في الاعتبار أن نتنياهو نطق بهذه الأقوال لا من أجل وسائل الإعلام، ولذا فإن نشرها على الملأ ينطوي على أهمية تكاد تكون استثنائية. وثمة شبه كبير جداً بين أقوال نتنياهو هذه وأقوال [رئيس الحكومة السابق] أريئيل شارون في خطابه أمام "مؤتمر هيرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي" حين أعلن خطته للانفصال عن قطاع غزة التي جرى تنفيذها سنة 2005.

·      في ذلك الخطاب قال شارون: "إن رؤية الدولتين تنطوي على تنازل هائل من طرف الجانبين. ونحن اتخذنا قراراً تاريخياً أننا مستعدون لهذا التنازل. وأنا أشدد- هذا لا يعني التنازل بأي حال عن أي موضوع يتعلق بأمن دولة إسرائيل وسكانها. في هذا المجال لن يكون هناك أي تنازل لا الآن ولا في المستقبل. واتخذنا قرار التنازل كونه بديل الدولة الواحدة التي يحكم فيها شعب شعباً آخر، وهي كارثة مروعة للشعبين. فقط من خلال تجنب هذا البديل سيكون بوسعنا أن نمنح شعبنا أملاً حقيقياً".

·      إن الواقع السياسي الراهن صعب جداً على إسرائيل. يكفي أن نقرأ أقوال الدبلوماسيين الأميركيين أو الأوروبيين ونسمعها كي نفهم أن إسرائيل موجودة في خضم حرب دبلوماسية شاملة. وحتى لو لم تكن إسرائيل مذنبة في نشوء هذا الواقع، فلا مفر أمامها سوى أن تواجهه وتستخرج منه ما هو الأفضل لمواطنيها.

·      إن نتنياهو مسؤول عن رئاسة الحكومة لا من أجل إرضاء هذا الجناح أو ذاك بين السكان، وإنما من أجل الحفاظ على مستقبل إسرائيل بأسرها. إننا نفهم جيداً موقف نتنياهو الذي يرى أن حكومة الوحدة الفلسطينية تمنح شرعية لحركة "حماس" التي تسعى للقضاء على إسرائيل. لكن المشكلة ليست إذا كان نتنياهو محقاً، وإنما حقيقة أن دول أوروبا كلها والولايات المتحدة تعترف بالحكومة الفلسطينية الجديدة. ولا يمكن لنتنياهو أن يغير هذه الحقيقة حتى لو خاض حملة دبلوماسية لامعة.

·      يمكن ملاحظة أن نتنياهو موجود الآن تحت وطأة ضغط كبير للغاية، ولذا فإن قراراته في الوقت الحالي ليست الأفضل على أقل تقدير. فإعلان أعمال بناء جديدة في مستوطنات المناطق [المحتلة] قد ينطوي على رسالة جيدة تجاه الداخل، لكنه تجاه الخارج يلحق مزيداً من الأضرار، وأصداؤه السلبية تتردد في شتى أنحاء العالم.

·      إن الانفصال عن الفلسطينيين مصلحة إسرائيلية صرفة. كل النظريات الأُخرى المتعلقة بمستقبل الصراع لم تصمد، وعلى ما يبدو لن تصمد. بناء على ذلك فإن إسرائيل ملزمة بأن تنفصل عن الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن سواء من خلال تسوية أو حتى من دونها.