· لا شك في أن وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد [رئيس "يوجد مستقبل"] هو كاتب وصحافي قدير. غير أن هذه الميزة المهمة لا تكفي لتوفير كل ما هو بحاجة إليه كرئيس لحزب سياسي ووزير في الحكومة.
· في أول عام له كزعيم سياسي حرص لبيد على أن يبقى غامضاً في كل ما يتعلق ببرنامجه السياسي، كما حرص على عدم التورط مع اليمين ومع اليسار. ومن شدة حرصه هذا لم يقل شيئاً، وترك المجال لكل واحد أن يفهم ما يريد.
· غير أنه خرق هذا الحرص من خلال الخطاب الذي ألقاه من على منصة "مؤتمر هيرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي" يوم الأحد الفائت.
في هذا الخطاب حثّ لبيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على أن يطرح خريطة [لدولة إسرائيل] مع حدود، لكنه لم يحدّد ما هي هذه الحدود. وقال إنه يريد أن يجمد أعمال البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبرى في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، لكنه لم يشرح ما الذي يجب فعله بهذه الكتل. وعندما تحدث عن 4 ملايين فلسطيني كخطر، نسي خطأ أو عمداً أن مليون ونصف مليون منهم يسكنون في قطاع غزة وأننا انفصلنا عنهم منذ سنة 2005.
· ولم يتطرق لبيد إلى ما الذي ينبغي فعله بالقدس التي أعلن مرات كثيرة أنها يجب أن تبقى عاصمة موحدة لدولة إسرائيل إلى الأبد. وما الذي يفترض بالمواطن الإسرائيلي العادي الذي يؤيد ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل ويتفق مع لبيد جداً بشأن الحاجة إلى الانفصال [عن الفلسطينيين]، أن يفعله إزاء حقيقة أن مخططه لهذا الانفصال غير واضح البتة.
· إن لبيد ليس وحيداً في عالم الخطط الغامضة، فالخطة التي طرحها وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت [رئيس "البيت اليهودي"] تتحدث عن ضم مناطق من يهودا والسامرة إلى إسرائيل وتتجاهل ما لن يضم كي لا تغضب الناخبين من أقصى المعسكر اليميني. ووزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني [رئيسة "الحركة"] المسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين في الحكومة الإسرائيلية تتحدث باستمرار عن ضرورة التوصل إلى سلام ما زال بعيداً وعن شركاء لهذا السلام لم تجدهم بعد. كما أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لا ينأى بنفسه عن هذا الغموض.
· لقد أصبح الغموض هو السياسة الجديدة التي تنتهجها إسرائيل. وفي ضوء ذلك بات المواطن الإسرائيلي العادي يسأل نفسه: ما هي سياسة إسرائيل؟ ولماذا يُمنى وزراؤنا كافة بالفشل في شرح هذه السياسة في أرجاء العالم؟