أزمة حقيقية في ميزانية الجيش الإسرائيلي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·      يبدو أن الجدل الدائر هذا العام بشأن الميزانية الأمنية الإسرائيلية أطول وأشد حدّة مما شهدناه في الماضي. ولا بد من أن ننحي جانباً كل المشاعر الجياشة وأن ندرس أي طرف على حق وفي أي موضوع.

·      إن معظم الحقائق البارزة على السطح تعزز موقف وزارة الدفاع. فقد تم تقليص الميزانية الأمنية بمرور الأعوام، سواء كجزء من الناتج القومي العام أو كجزء من الميزانية العامة للدولة. وهكذا في حين كانت الميزانية الأمنية تشكل 35% من الناتج القومي العام سنة 1975، انخفضت بالتدريج إلى أن بلغت نسبة 4,6% هذه السنة، أي بما يشبه نسبتها في الولايات المتحدة. وبموازاة ذلك انخفضت الميزانية الأمنية ضمن الميزانية العامة للدولة من 28% سنة 1982 إلى 12% هذه السنة.

·      غير أن المعطى الأهم أنه من ناحية الأرقام المجردة، تقلصت الميزانية الأمنية خلال المرحلة الانتقالية بين سنتي 2012 و2014 بنحو 4 مليارات شيكل، في وقت ازدادت ميزانيات معظم الوزارات الحكومية بما في ذلك الوزارات غير الاجتماعية مثل وزارتي المواصلات والأمن الداخلي. ونظراً إلى أن النفقات على مخصصات التقاعد في الميزانية الأمنية تزداد كل سنة، فإن الميزانية الصافية التي تبقى تحت تصرف رئيس هيئة الأركان العامة تنخفض من جهتين - جهة الإطار العام وجهة المصادر الموجودة تحت تصرفه.

·      عندما يتم توجيه انتقادات إلى الجيش، فإنها بصورة دائمة تظهر ضمن ثلاثة ادعاءات: الأول ادعاء يطالب بتقليص مخصصات التقاعد؛ الثاني، الادعاء بأن السن الذي يتقاعد فيه أفراد الجيش النظامي صغيرة؛ الثالث، الادعاء القائل بأن التهديدات الماثلة أمام إسرائيل تقلصت كثيراً وبالتالي يمكن تقليل حجم الجيش.

·      بالنسبة إلى الادعاء الأول، لنفترض أن رئيس هيئة الأركان العامة يرغب فعلاً في أن يقلص مخصصات التقاعد، فما الذي يمكن أن يفعله؟. إن تقليص هذه المخصصات يستلزم سن قانون خاص. وفي واقع الأمر، فإن العبء الكبير الناجم عن مخصصات التقاعد في إسرائيل بما في ذلك مخصصات المتقاعدين من الجيش الإسرائيلي ومن جهازي الشرطة والأمن العام [الشاباك] ومن موظفي الدولة القضاة وغيرهم، آخذ في الاتساع والإثقال على الميزانية العامة للدولة سنة بعد سنة. وربما يجب درس إمكان فرض ضريبة خاصة على أولئك الذين يحصلون على مخصصات تقاعد بدءاً من مبلغ محدّد فما فوق. لكن من غير المتوقع أن يبادر أي عضو في الكنيست إلى خطوة في هذا الاتجاه، ولذا فإن رئيس هيئة الأركان العامة لا يتحمل المسؤولية عن هذا الادعاء.

·      أما بالنسبة إلى سن التقاعد، فمعروف أنه تحت ضغط وزارة المال قام الجيش الإسرائيلي برفع هذه السن بالتدريج من 45 عاماً إلى 50 عاماً، لكن ذلك لا يوفر المال بل يكلف مالاً أكثر. وثمة سببان لذلك: الأول ناجم عن التكلفة الأعلى للمتقاعد ابن الـ50 عاماً في مقابل المتقاعد ابن الـ45 عاماً؛ والثاني الأكثر أهمية هو أنه كلما تقاعد أفراد الجيش في سن متقدمة صعُب عليهم العثور على عمل آخر.

·      وبالنسبة إلى الادعاء الثالث الداعي إلى إجراء تغييرات في بناء القوة العسكرية، فعلينا أن نشير إلى أنه في سنة 2013 اتخذ قرار يقضي بإجراء تقليصات كبيرة جداً في بناء القوة من خلال تحمّل مجازفات غير قليلة.

·      ثمة مجال في المؤسسة الأمنية قد حان الوقت لإجراء درس معمق له بما يحتمل أن يوفر كثيراً، وهو المجال المتعلق ببنية وزارة الدفاع وبنية القيادات المتعددة في الجيش الإسرائيلي. ويمكن لذلك أن يؤدي إلى توفير كبير في الإنفاق على المدى البعيد.

·      ولكن ما هو صحيح لسنة 2014 وأكثر من ذلك لسنة 2015، هو أن الأزمة في ميزانية الجيش الإسرائيلي حقيقية ومن شأنها أن تلحق ضرراً خطراً بقدراته.

·      وفي ضوء ذلك، فإن مطالب المؤسسة الأمنية أكثر من مبرّرة، سواء بسبب حاجات هذه المؤسسة، أو لكون ما تطالب به ليس زيادة الميزانية الأمنية ولكن فقط استعادة جزء مما تم تقليصه في السابق.