أربعة سيناريوهات محتملة لما بعد نشوء دولة فلسطين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       إن التفكير العميق في الاتفاق مع الفلسطينيين، والذي سيؤدي في النهاية إلى نشؤ دولة "فلسطين"، يفرض علينا أن نفهم أن هذا الاتفاق لن يكون "نهاية تاريخ" النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا نهاية النزاع العربي ـ الإسرائيلي الذي أسبابه أعمق كثيراً من المشكلة الفلسطينية على الرغم من أهميتها. لذا، علينا أن ندرس مسبقاً التطورات المحتملة والتي يمكن أن تنجم عن نشوء دولة فلسطين، وأن نضع استناداً إليها الاتفاق الملائم والخطوات الآيلة إلى تحقيقه.

·       هناك أربعة سيناريوهات للتطورات المحتمل حدوثها خلال عشرة أعوام:

-      أن تكون فلسطين دولة مسالمة يؤدي نشوؤها إلى تهدئة النزاع عامة، وأن تزدهر هذه الدولة بفضل المساعدة الدولية والقيادة المتنورة، وتراعي علاقات حسن الجوار مع إسرائيل، وأن تقيم أغلبية الدول العربية علاقات مع إسرائيل، وتتعاون إقليمياً على احتواء إيران.

-      أن تقوّض فلسطين الاستقرار في الأردن. فالدولة الفلسطينية التي ستنشأ ستعاني من "الاكتظاظ"، وتتعرض لضغوط اللاجئين الراغبين في العيش فيها. وقد يتحرك الفلسطينيون من سكان الأردن للمطالبة بضم المملكة الأردنية إلى فلسطين، فيقوم الحكم في الأردن بقمعهم بعنف، الأمر الذي سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الأردن.

-      أن يدفع الاتفاق الفلسطيني ـ الإسرائيلي سورية إلى التحرك. فبعد الاتفاق سيجد الحكم السوري نفسه في موقع ضعف إزاء النجاح الفلسطيني، الأمر الذي ربما يدفع سورية إلى المبادرة إلى أعمال عنف في شمال إسرائيل، وإلى إعلان رغبتها في "استرجاع ما هو ملكها، مثل الفلسطينيين". وفي المقابل تعلن إيران وحزب الله عن تأييدهما مواقف سورية ويحركان قواتهما. أما في فلسطين فتنقسم الآراء بين مؤيد ومعارض.

-      قد تقوم "حماس" بالسيطرة على فلسطين بعد اغتيال الزعماء الذين وقّعوا اتفاق "الخيانة" مع إسرائيل، وربما تنصح الولايات المتحدة إسرائيل بعدم التدخل، وتعلن سورية وإيران أن كل تدخل إسرائيلي هو "إعلان حرب".

·       تُظهر هذه السيناريوهات الحاجة إلى أن تأخذ المفاوضات في اعتبارها التطورات التي ربما تطرأ على الدولة الفلسطينية العتيدة. إن احتمالات تحقق السيناريو الأول ضئيلة في حال لم تتغير الدينامية الحالية في الشرق الأوسط. من هنا، فإن التطورات في فلسطين ستكون مرتبطة بالبيئة الجيو ـ سياسية المحيطة بها، ووحده التوصل إلى اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط سيساعد على تثبيت الاستقرار في فلسطين، أما انفجار أعمال العنف فسيؤدي إلى زعزعة هذا الاستقرار.

·       لا يجب أن نستنتج من هذا الكلام أن على دولة إسرائيل منع قيام الدولة الفلسطينية، لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى سيناريوهات أخطر، مثل تصاعد العنف بصورة خطرة، والتآكل في الهوية اليهودية لإسرائيل وفي طابعها الديمقراطي، كما من شأنه أن يلحق الضرر بالعلاقة مع الولايات المتحدة، وبالمكانة الدولية لإسرائيل. ثمة أسباب جوهرية تتعلق بالأمن القومي، تفرض على إسرائيل المضي قدماً نحو اتفاق يضمن نشوء دولة فلسطينية، وعلى إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها من أجل ربط الاتفاق مع الفلسطينيين باتفاق شرق أوسطي شامل. وقد لـمّح رئيس الحكومة إلى هذا الأمر في كلامه الأخير، لكن المطلوب أكثر من ذلك: المطلوب أن تقترح إسرائيل اتفاقاً شاملاً للسلام في الشرق الأوسط يستند إلى المبادرة العربية للسلام مع بعض التغييرات، وأن يكون أحد بنود هذه المبادرة نشوء دولة فلسطينية مستقرة.