مصرع 40 ضابطاً وإجلاء 12.000 شخص من بيوتهم عقب اندلاع حريق هائل في الكرمل
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مساء أمس (الخميس)، في مؤتمر صحافي طارئ عُقد في حيفا، أنه ينوي أن يعلن يوم 2 كانون الأول/ ديسمبر "يوم حداد وطني في إسرائيل"، وذلك عقب الحريق الهائل الذي اندلع نهار أمس (الخميس) بالقرب من قرية عسفيا على قمة جبل الكرمل، والذي سرعان ما انتشرت ألسنته نحو المناطق المجاورة، بسبب الرياح الشديدة. وقد أسفر هذا الحريق حتى الآن عن مقتل 40 ضابطاً من الشرطة ومصلحة السجون في إسرائيل نتيجة احتراق الحافلة التي كانوا يستقلونها وهم في طريقهم إلى منطقة الحريق، وعن إصابة عدد آخر لم يُحدد بجروح وحروق تتراوح بين طفيفة وبالغة، بمَن في ذلك قائدة الشرطة في مدينة حيفا.

وأضاف نتنياهو: "لكن قبل إعلان يوم الحداد الوطني لا بُد من الاستمرار في بذل الجهود الرامية إلى إخماد الحريق وإجلاء السكان من المناطق التي هي عرضة للخطر"، مؤكداً أن ما يجب تحقيقه الآن على وجه السرعة هو أمران: إنقاذ حياة الناس وإخماد الحريق.

وسئل نتنياهو عن أسباب عدم امتلاك إسرائيل ما يكفي من أجهزة الإطفاء والطائرات الخاصة بإطفاء الحرائق، ولا سيما في ضوء توجهه إلى بضع دول أجنبية طالباً تقديم مساعدات عاجلة لإخماد الحريق، إلا إنه تهرّب من الإجابة عن هذا السؤال قائلاً إن الجهود يجب أن تتركز في الوقت الحالي على إخماد الحريق، وفي وقت لاحق "سيكون لدينا وقت كاف لطرح أسئلة كهذه وإجراء تحقيق معمق".

وكان وزير الداخلية الإسرائيلية إيلي يشاي، باعتباره الوزير المسؤول عن خدمات الإطفاء، قد شنّ نهار أمس (الخميس) هجوماً عنيفاً على وزارة المالية الإسرائيلية واتهمها بعدم الموافقة إلا على خُمس الميزانية المطلوبة لتعزيز منظومة خدمات الإطفاء في إسرائيل.

ودعا رئيس الحكومة السكان في المناطق القريبة من الحريق "إلى تنفيذ أوامر الجهات المسؤولة وعدم الاقتراب من المناطق التي لا تزال النيران مندلعة فيها بسبب خطورة الوضع".

وعُقد المؤتمر الصحافي الطارئ في مقر "هيئة القيادة الخاصة" الذي أقيم مساء أمس (الخميس) في جامعة حيفا، واشترك فيه إلى جانب رئيس الحكومة مندوبون من الجيش الإسرائيلي والشرطة ورؤساء السلطات المحلية في المدن والبلدات التي تضررت جرّاء الحريق، وبرز بينهم كل من رئيس هيئة الأركان العامة اللواء غابي أشكنازي، والقائد العام للشرطة دودي كوهين، والمفوّض العام لمصلحة السجون بني كانياك، ووزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش، ونائب وزير الصحة يعقوب ليتسمان، ورئيس بلدية حيفا يونا ياهف.

وأكد نتنياهو أن الحريق كان على نطاق لم تشهد إسرائيل مثيلاً له في تاريخها كله، ولذا، فإنه قرر أن يتوجه فوراً إلى بضع دول في العالم، وخصوصاً الولايات المتحدة وأوروبا، وأن يطلب منها تقديم مساعدات عاجلة لإخماده. وقد تجاوبت مع طلبه هذا مباشرة كل من قبرص واليونان وإسبانيا ودول أخرى. وتوقع نتنياهو أن تصل المساعدات إلى إسرائيل بدءاً من ليلة أمس (الخميس) ونهار اليوم (الجمعة)، مؤكداً أن "كل شيء تحت السيطرة، لكن المسألة تتطلب مزيداً من الوقت"، وأن ما حدث "يعتبر كارثة كبرى، لكننا نقوم بمعالجتها وسننجح في السيطرة عليها".

وذكرت صحيفة "هآرتس" (3/12/2010) أن إسرائيل قامت مساء أمس (الخميس) بتوجيه نداء عاجل إلى مجموعة كبيرة من الدول في مقدمها الولايات المتحدة وأوروبا طالبة تقديم مساعدات طارئة من أجل إخماد الحريق في جبل الكرمل. وشملت قائمة الدول التي قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتوجه إليها في هذا الشأن كلاً من بلغاريا وكرواتيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا ورومانيا. وطلبت إسرائيل من هذه الدول أن تقوم على نحو خاص بإرسال طائرات إطفاء يمكن أن تعمل تحت جنح الظلام، وكذلك مواد كيماوية لإخماد الحرائق.

وأضافت الصحيفة أن الحكومة التركية وعلى الرغم من عدم التوجه إليها لطلب المساعدة، أبدت استعدادها لإرسال طائرتين لإطفاء الحرائق، وأشارت الصحيفة أيضاً، إلى وصول طائرات كهذه أمس (الخميس) من اليونان وقبرص، وإلى توقع وصول 4 طائرات من فرنسا وطائرتين من كل من روسيا وإسبانيا وكرواتيا وأذربيجان وتركيا اليوم (الجمعة). كذلك فإن مصر عرضت إرسال طائرة، ومن المتوقع أن يقوم الأردن بإرسال شاحنات محملة بالمياه والمواد الخاصة لإخماد الحرائق.

من ناحية أخرى أشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن أحد مرشدي الطيران، ولدى قيامه نهار أمس (الخميس) بجولة استطلاعية في طائرته الخاصة فوق جبل الكرمل، شاهد الحريق في أول مراحله، وبادر على الفور إلى تبليغ خدمات الإطفاء باندلاعه، لكن أول طائرة عسكرية إسرائيلية تقوم بمهمات إخماد الحرائق لم تصل إلى المنطقة إلا بعد أكثر من ساعتين من هذا التبليغ. وذكرت الصحيفة أن عمليات إجلاء السكان من البيوت القريبة من ألسنة النيران شملت بضع مدن وبلدات، وأن عدد السكان الذين تمّ إجلاؤهم بلغ حتى مساء أمس (الخميس) 12,000 شخص، وهم من مدينة طيرة الكرمل وكيبوتس بيت أورن وكيبوتس هحوتريم وييشوف مِغداليم، فضلاً عن السجناء في سجن الكرمل وسجن 6 العسكري في مدينة عتليت. وأضافت أن عمليات الإجلاء ستستمر اليوم (الجمعة) وفقاً لاتجاه ألسنة النيران.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (3/12/2010) عن خبراء إسرائيليين في مجال إخماد الحرائق قولهم إنه "لو كانت في حيازة إسرائيل طائرتان لإخماد الحرائق لكان يمكن السيطرة على الحريق في جبل الكرمل في غضون فترة قصيرة قبل انتشاره على نطاق واسع". وأضافت أن خطة شراء طائرتين من هذا النوع مدرجة منذ عشرة أعوام في جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية، لكنها لم تنفذ بسبب إحجام الحكومة عن اتخاذ قرار رسمي بشرائهما.

وأضافت الصحيفة أن التقصير في شراء هاتين الطائرتين هو على ما يبدو جزء من تقصير أكبر كثيراً جعل منظومة خدمات الإطفاء والإنقاذ في إسرائيل تقف عاجزة أمام أكبر حريق يندلع في الدولة منذ إقامتها في سنة 1948. وأشارت إلى أنه منذ أمس (الخميس) اندلعت "حرب كبرى" بين وزارة الداخلية ووزارة المالية بشأن أي منهما تتحمل المسؤولية عن عدم تزوّد إسرائيل بمنظومة متطورة لإطفاء الحرائق، مؤكدة أنها لا بُد من أن تتصاعد في الأيام المقبلة.