نهاية حقبة جيش الشعب، وبداية مرحلة الخدمة الوطنية - المدنية
تاريخ المقال
المصدر
- لا يمكن لمجتمع أن يقوم من دون الاحساس بالشراكة والانتماء إلى الدولة. ويفتقر المجتمع الإسرائيلي إلى هذا المكون أكثر من أي مجتمع غربي آخر، لأنه مجتمع متعدد الديانات، والطوائف، والثقافات. وقد تحول غياب الاحساس بالمصير المشترك، إلى خطر كبير يهدد المجتمع الإسرائيلي اليوم.
- خلال الخمسينيات من القرن الماضي، سادت النظرية القائلة بأن الجيش الإسرائيلي هو جيش الشعب، وهو الذي يقوم بصهر شخصية المواطن الإسرائيلي الجديد. لكن هذه النظرية ما لبثت أن أفلست في أواسط الثمانينيات، حين جرى الانتقال من عقيدة الجيش صاحب الدور القيادي الاجتماعي، إلى عقيدة الجيش الصغير والذكي.
- هناك عدة أسباب وراء انتهاء مرحلة "جيش الشعب"، منها: انتقال المجتمعات الغربية بعد الحرب العالمية الثانية من إعطاء الأولوية "للجماعة"، إلى إعطاء الأولوية في نهاية القرن العشرين إلى "حقوق الفرد"، وتلاشي النظرية الساذجة بأن قدرة الجيش على الصهر يمكنها أن تتغلب على ماضي الفرد وعلى هويته وثقافته، وأن تعطيه ثقافة جديدة. وهناك سبب إضافي هو القرار السياسي للحكومات الإسرائيلية باستبعاد المواطنين العرب في إسرائيل من الخدمة العسكرية، والسماح للحريديم [المتدينيين المتشددين] بأن يقرروا هم أنفسهم مسألة خدمتهم العسكرية.
- وكانت النتائج المترتبة على ذلك، بقاء نحو 50 % من الشباب الذي يبلغون في سنة 2011 الثامنة عشرة من عمرهم خارج الخدمة العسكرية. وتتألف هذه الشريحة من الشباب من الحريديم، والعرب، وأصحاب الإعاقات الجسدية، والضعفاء. ويفاقم هذا الوضع من حال الاستقطاب، والتصدع الآخذ في الازدياد بين مختلف فئات المجتمع الإسرائيلي.
- إن على الجمهورالإسرائيلي الاعتراف بواقع الحال القائمة، وبالتغيير الذي طرأ على موقع الجيش الإسرائيلي ووظيفته، وأنه لم يعد جيش الشعب. كما عليه الاعتراف بالحاجة الملحة إلى الاتفاق على مكون مدني يوحد بين كل فئات المجتمع الإسرائيلي. وفي نظري أن هذا يمكن أن يكون الخدمة المدنية ـ الوطنية.
- لقد آن الأوان كي نجري نقاشاً عاماً في شأن الخدمة والتطوع. ويتعين علينا أن نقوم بتغيير اجتماعي، تكون فيه الخدمة العامة سواء في الجيش أم في الخدمات المدنية - الوطنية، جزءاً من الهوية الوطنية لكل فرد يتطلع إلى بناء المجتمع الإسرائيلي.