الاستراتيجية المطلوبة في الحرب المقبلة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في الفترة الأخيرة، أُضيفت إلى التقديرات المتشائمة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بشأن الحرب المقبلة، تقديرات المراقب العام للدولة الذي توقع أن تتعرض إسرائيل في الجولة المقبلة للحرب إلى قصف يومي بمئات الصواريخ يطال مختلف أرجاء البلد، مع إحتمال تكبد الجبهة الداخلية خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. والخلاصة التي يمكن استنتاجها من هذه التقديرات هي أن إسرائيل فقدت عملياً القدرة على السيطرة على مدة الحرب المقبلة، وعلى حجم الخسائر والدمار اللذين ستتسبب بهما.
  • إن سبب خسارة هذه القدرة هو الانقلاب الاستراتيجي الذي شهدته المنطقة، وعدم وجود رد استراتيجي من جانب إسرائيل على التغييرات التي حدثت. فقد حل مكان الجيوش الحكومية التي هددت في الماضي باحتلال إسرائيل أو أجزاء منها؛ جيوش متحركة قادرة في المرحلة الأولى على استنزاف الجبهة الداخلية المدنية بواسطة القصف عن بعد، وفي المرحلة الثانية على إنهاك الجيش الإسرائيلي، أثناء قيامه باقتحام التحصينات التي تنطلق منها عمليات القصف المدفعي والصاروخي.
  • إن مواجهة هذا الخطر عن طريق احتلال الأراضي التي تُقصف إسرائيل منها سيستغله الخصم. كما أن حماية المقاتلين بواسطة المعدات الغالية الثمن، أو إبطاء وتيرة تقدمهم من أجل الحد من الخسائر من شأنه أن يُطيل في أمد القتال، مثلما حدث في غزة في كانون الثاني/ يناير سنة 2009، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع حجم الخسائر بين المدنيين، ويلحق ضرراً كبيراً في البنى التحتية وفي الاقتصاد الإسرائيلي.
  • إن مواجهة هذا الخطر بواسطة الاستراتيجية الدفاعية التي تستند إلى منظومة "القبة الحديدية" وإلى التكنولوجيات المتطورة، هو أمر يتطلب أموالاً طائلة. وحتى إذا ما تم تطبيق الاستراتيجية، فإنها لن تمنحنا القدرة على السيطرة على مدة استمرار المعارك ولا على حجم الأضرار، ما لم تدعّم بقدرة هجومية على الحسم السريع للحرب.
  • إن الاستراتيجية القائمة على استخدام "حوافز الضغط النفسي" لردع الخصم عن قصف إسرائيل، هو أسطورة ثبُت فشلها في لبنان سنة 2006، وفي غزة سنة 2009. ولا جدوى من الاعتماد عليها من أجل تحقيق السيطرة على الوضع في الحرب المقبلة.
  • من هنا، ومن أجل مواجهة الانقلاب الاستراتيجي الذي حدث في المنطقة، من الضروري صوغ عقيدة دفاعية وطنية جديدة، للحؤول دون وقوع إسرائيل فريسة حروب استنزاف طويلة.
  • ويجب أن تستند الاستراتيجية الجديدة إلى ثلاثة توجهات يجري تنفيذها بشكل منسق وتحت قيادة واحدة: مجهود هجومي، وغايته نقل الحرب إلى الجانب الآخر، وليس احتلال الأرض، وإنما التدمير الكثيف لمنظومات اطلاق الصواريخ على إسرائيل؛ مجهود ثانٍ دفاعي، ويستند إلى التكنولوجيا المتطورة، والتحصين المادي، وهدفه التقليل من حجم الخسائر في البنى التحتية وفي المراكز السكانية، الى حين حسم الحرب؛ ومجهود ثالث هدفه تقليص المعاناة، والعودة السريعة إلى الحياة الطبيعية، بواسطة استخدام وسائل الإنقاذ، والإغاثة، والترميم.
  • ومن المتوقع أن يلجأ الطرف الثاني إلى استخدام "الدفاعات البشرية"، لذا يجب أن يترافق المجهود الهجومي بنقاش أخلاقي، يتمحورحول لمَن تُعطى الأولوية: هل نعطيها إلى المدنيين في المجتمع الإسرائيلي الذين يتعرضون للهجوم، أم إلى المدنيين في المجتمع الذي يقوم بمهاجمة إسرائيل. من الصعب التوصل إلى قرار واضح في هذا الشأن، ولكن القدرة الإسرائيلية الحقيقية لتحقيق حسم سريع في الحرب المقبلة، قد تعفينا من هذا النقاش.
  • تشير التطورات التي حدثت منذ سنة 2006 إلى أن القيادة الإسرائيلية ستقف عاجزة لدى نشوب الحرب، كما جرى لها في مواجهتها للحريق في جبل الكرمل. ويجب الحؤول دون حدوث ذلك، والتحرك فوراً. وإذا لم تفعل ذلك، فحتى لو قررت خلال الحرب بأن حياة المدنيين في إسرائيل تأتي قبل حياة المدنيين في الدول التي تهاجمنا، فإن هذه القيادة ستكون عاجزة عن تنفيذ قرارها.