من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· لقد احتل موضوع الفقر هذا الأسبوع العناوين الأولى، إذ اتضح أن سنة 2009 لم تكن جيدة فيما يتعلق بأرقام الفقراء. فبعد مرور بضعة أعوام من الاستقرار، ارتفع معدل العائلات الفقيرة إلى 20,5%، في مقابل 19,9% في سنة 2008، ولا يبدو أن أحداً من المسؤولين يخطط للقيام بشيء على هذاالصعيد.
· ويكشف تقرير الضمان الوطني، أن الارتفاع في معدلات الفقر مصدره قطاعان: القطاع العربي، والحريديم [المتدينون]. فقد ازداد الفقر وسط العائلات العربية، وبلغ 53,3%، لكن الفقر وسط العائلات الحريدية كان أعلى وبلغ 56,9%.
· مَن المسؤول عن الفقر؟ هل هو بنيامين نتنياهو الذي قلّص من المخصصات في سنة 2003؟ أم [وزير المال] يوفال شتاينيتس، الذي يحول الأموال إلى تلامذة المدارس الدينية؟ أم أن العرب والحريديم أنفسهم هم المسؤولون؟ أم أن المسؤول الواضح والوحيد هو دافيد بن ـ غوريون؟ فبحسب ما قاله وزير المال، ومن دون خجل أمام مؤتمر سديروت هذا الأسبوع: "لقد ارتكب بن ـ غوريون خطأً تاريخياً عندما أعفى الحريديم والعرب من الخدمة العسكرية في الخمسينيات"، ولأنه أعفاهم من الانضمام إلى الجيش، لم يمارسوا العمل أيضاً، وبقوا فقراء حتى يومنا هذا. من المذهل القدرة على تشويه التاريخ.
· إن الرواية التاريخية الحقيقية هي أنه خلال الأعوام الأولى لقيام الدولة، طلب الحاخامون من بن ـ غوريون إعفاء تلامذة المدارس الدينية من الخدمة العسكرية، كي يخصص هؤلاء وقتهم كله لدراسة التوراة، وليشكلوا جيلاً يرث التلامذة الحكماء الذين هلكوا في المحرقة النازية، فقرر بن - غوروين إعفاء 400 تلميذ. وكان هذا كل شيء.
· لكن في "انقلاب" 1977 الذي حمل حزب الليكود إلى السلطة، وبعد خضوع مناحم بيغن للضغوط التي مارسها شركاؤه عليه في الإئتلاف، وافق على رفع سقف الـ 400 تلميذ. ومنذ ذلك اليوم، بات يحق لكل تلميذ مدرسة دينية، أن يكون معفياً من تأدية الخدمة العسكرية، من دون أي تحديد للعدد. وبهذه الطريقة زاد عدد "تلامذة التوراة" من 400 إلى عشرات الآلاف. لكن شتاينيتس الليكودي لا يجرؤ على انتقاد بيغن، ويعتبر أن بن ـ غوروين هو المسؤول.
· يعتبر شتاينيتس الحرديم حلفاءه السياسيين، ولذا، فإنه فهو لا يتجرأ على قول الحقيقة لهم. فعلى سبيل المثال لا يستطيع أن يقول لهم إن 65% من الحريديم الرجال يفضلون عدم العمل، وينجبون ثمانية أولاد، ويحكمون بذلك على عائلاتهم بالفقر. ومن هنا يمكن القول إن ما يجري هنا هو"خيار للفقر" وإنه يجب التعامل معه بطريقة مغايرة.
· إن حجم الفقر وسط العرب يثير مشكلة من نوع آخر، هي مدى صدقية الإحصاءات. فلا الضمان الوطني، ولا مصلحة الضرائب، ولا المكتب المركزي للإحصاء تستطيع أن تحدد بدقة ما الذي يحدث فعلاً في القطاع العربي، ذلك بأنها لا تقوم بدراسة ميدانية في هذا المجال، ولا تقدر على قياس حجم الاقتصاد غير الشرعي. ومن هنا ليس دقيقاً القول إن نصف العائلات هناك يعيش تحت خط الفقر.
· ويؤيد شتاينيتس القدس الكبرى الواقعة تحت سيطرة إسرائيل، لكن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن السكان هناك هم الأفقر في إسرائيل، ذلك بأن 71% تقريباً من العائلات تعيش تحت خط الفقر. فإذا كان هذا صحيحاً، فلربما يكون من الأفضل تقسيم القدس، من أجل تقليص نسبة الفقر!
· في سنة 2003، بدأ نتنياهو، عندما كان وزيراً للمال، بمعالجة مشكلة الفقر بصورة فعلية بواسطة تشجيع الناس على العمل. وقد قلص من مخصصات الدعم للدخل، ومن المساعدات المقدمة للأولاد، وقلل الضريبة على الدخل، وقام بتطبيق برنامج ويسكنسون لمعالجة البطالة المزمنة.
· لكنه عند مجيئه إلى السلطة في سنة 2009، خرق القواعد التي وضعها بنفسه، وبدأ بزيادة المخصصات للأولاد، كما زاد بصورة كبيرة الميزانيات المخصصة للمدارس الدينية، والمساعدات المقدمة إلى تلامذة تلك المدارس، ولم يفعل شيئاً لمنع انهيار برنامج ويسكنسون؛ وبهذه الطريقة تحول التشجيع على العمل إلى تشجيع على البطالة. فلماذا نُفاجأ بعودة الفقر؟
· يتفق الجميع على أنه من دون تعلم الرياضيات، واللغة الإنكليزية، والتاريخ، لا مجال لإيجاد عمل مربح في الاقتصاد الحديث. لكن حكومة نتنياهو - شتاينيتس، تزيد في ميزانيات التعليم المستقل لكل من شاس ويهدوت هتوراه، على الرغم من رفضهما التقيد ببرامج التعليم الأساسي في مدارسهما. وبهذه الطريقة، تقوم الحكومة بتشجيع الفقر وبزيادته، وهو أمر مرشح لأن يزداد مستقبلاً.