السياسات الإسرائيلية التي لا تعمل على منع حرب مع سورية ربما تكلفنا ثمناً باهظاً
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

 

·       إن المقابلة التي أدلى بها الجنرال في الاحتياط أوري ساغي، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية، إلى مجلة "هلوحيم" [المقاتل] الناطقة بلسان منظمة مشوَّهي الحرب التابعة للجيش الإسرائيلي، هي مقابلة مثيرة للغاية، ذلك بأن ساغي تطرق فيها إلى المفاوضات التي أجراها مع السوريين خلال السنوات 1999 ـ 2001، والتي كان فيها رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض [في إبان حكومة إيهود باراك].

·       وهو يؤكد في سياقها أن إسرائيل فوتت، في ذلك الوقت، فرصة كبيرة للتوصل إلى تسوية سياسية مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، كان من شأنها منع حروب العقد الفائت كلها، وتغيير أوضاع إسرائيل في المنطقة رأساً على عقب، ويصف ذلك بأنه "إخفاق سياسي استراتيجي من الدرجة الأولى".

·       ويشير ساغي أيضاً إلى أن الرئيس السوري الحالي بشار الأسد يقول الحقيقة عندما يذكر إن 80% من المشكلات بين الدولتين قد جرى التوصل إلى حلول لها، وإن أي مفاوضات بين الجانبين في المستقبل يجب من أن تُستأنف من النقطة التي انتهت عندها، وذلك على الرغم من التصريحات الإسرائيلية المتكررة بأن المفاوضات يجب أن تُستأنف من دون شروط مسبقة.

·       من ناحية أخرى، يؤكد ساغي أن رؤساء الحكومات الإسرائيلية خلال العقدين الأخيرين، من يتسحاق رابين حتى إيهود أولمرت بمن فيهم بنيامين نتنياهو، وافقوا على مبدأ الانسحاب الإسرائيلي الكامل من هضبة الجولان إلى خطوط 4 حزيران/ يونيو 1967، وبذلك، فإن ساغي يناقض تصريحات نتنياهو في إثر خسارته الانتخابات العامة في سنة 1999، والتي ادعى فيها أن مبعوثه الخاص إلى سورية رون لاودر لم يوافق على الانسحاب إلى خطوط 4 حزيران/ يونيو 1967. ووفقاً لما يقوله ساغي أيضاً، فإن الجانبين توصلا إلى حلول لمعظم القضايا المتعلقة بالحدود والأمن والمياه.

·       غير أن الخلاصة الأهم التي يتوصل ساغي إليها هي أن عدم التوصل في حينه إلى تسوية مع السوريين يعتبر "إخفاقاً سياسياً استراتيجياً من الدرجة الأولى لدولة إسرائيل". ويمكن القول إن هذا الإخفاق تكرر مرة أخرى بعد تسعة أعوام من المفاوضات التي أجراها ساغي، وذلك خلال المفاوضات غير المباشرة التي أجراها أولمرت مع سورية بوساطة تركية.

·       ويؤكد ساغي "أن إسرائيل تقوم بجلد نفسها في إثر أي إخفاقات عسكرية خلال الحروب، إلا إنها لا تقوم بفحص الأسباب التي أدت إلى الإخفاقات السياسية الاستراتيجية في إثر حدوثها. ولذا، فإنها لم تقم بتأليف لجنة للتحقيق في موضوع تفويت فرصة السلام مع سورية (ولبنان) في سنة 2000". وربما يكون هذا الأمر عائداً أيضاً إلى عدم وجود أي ضغوط شعبية وإعلامية على الحكومة الإسرائيلية في هذا الشأن.

 

·       بناء على ذلك، فإن الوقت حان كي نهتم أكثر فأكثر بالسياسات الإسرائيلية التي لا تعمل على منع اندلاع حروب. إن هذه السياسات تكلفنا ثمناً باهظاً، بشرياً ومادياً، كما حدث في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973] التي سقط فيها 2500 قتيل إسرائيلي بسبب تفويت فرصة التوصل إلى تسوية مع مصر قبل اندلاعها بعامين. وهذا ما يمكن أن يحدث مع سورية أيضاً، ذلك بأن كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي يحذرون منذ العقد الفائت، من أن أي مواجهة عسكرية معها ستؤدي إلى تكبيد إسرائيل خسائر فادحة في الأرواح.