· يمكن القول إن الولايات المتحدة ما زالت غير راغبة في أن تدس أنفها في الوحل السوري، ولذا فإنها تحرص على القيام ببعض الخطوات الدبلوماسية التي لا تؤثر كثيراً في ما يحدث داخل سورية. وكان مبدأ عدم التدخل هو ما ميّز سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما إزاء الشرق الأوسط خلال ولايته الأولى، وهو مستمر في التمسك بهذا المبدأ في مستهل ولايته الثانية. ويهدف هذا المبدأ، أكثر من أي شيء آخر، إلى عدم وضع الأميركيين في خط المواجهة الأول.
· في الوقت نفسه، لا بد من ملاحظة أن الأميركيين لم يزودوا المتمردين في سورية حتى الآن بوسائل قتالية يمكن أن تساعدهم في تحقيق الانتصار على سلطة الرئيس بشار الأسد. وعلى ما يبدو فإن البيت الأبيض لا يثق بجميع أطياف المعارضة السورية، ويخشى من أن تكون لبعضها علاقات وثيقة مع القاعدة والجهاد العالمي، وأن يسعى هذا البعض لإقامة دولة شريعة إسلامية في سورية تحل محل سلطة الأسد.
· مع ذلك، تحرص الإدارة الأميركية على أن تسرب إلى وسائل الإعلام معلومات تتعلق بتصعيد الأوضاع في سورية، وكان آخرها ما نشرته وسائل الإعلام الأميركية أمس (الأربعاء) وفحواه أن الأسد أقدم على إطلاق صواريخ من طراز سكود، وقنابل عنقودية، على أبناء شعبه.
· ويرغب الأميركيون في أن يستمروا في مراقبة الأوضاع في سورية من بعيد، لكنهم يدركون في الوقت نفسه أن عليهم ألاّ يظهروا أمام العالم كما لو أنهم مكتوفي اليدين إزاء هذه الأوضاع، ولذا ينتهجون طريق الدبلوماسية الصاخبة التي لا تتضمن أي التزام حقيقي. غير أن بعض إجراءات هذه الدبلوماسية، مثل الاعتراف الأميركي الرسمي بالتحالف الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري، يعني من وجهة نظر واشنطن أن نظام بشار الأسد قد أنهى دوره التاريخي، وأن هذا النظام لم يعد ذا صلة في كل ما يتعلق بأي مفاوضات تهدف إلى التوصل إلى حل في المستقبل. ولا شك في أن هذا الموقف ينطوي على رسالة واضحة إلى روسيا التي تحاول أن تحافظ على شرعية هذا النظام.