خلال سنة 1975 وطوال أشهر، تنقل وزير الخارجية الأميركية هنري كيسنجر ذهاباً وإياباً في جولات مكوكية بين القاهرة والقدس، ساعياً لبلورة اتفاق مرحلي بين مصر وإسرائيل. وعلى الرغم من التوصل أخيراً إلى تحقيق الاتفاق المنتظر في الأول من أيلول/سبتمبر 1975، فإن هذا النجاح لم يؤثر في المعركة الانتخابية الرئاسية التي فاز فيها المرشح الديمقراطي جيمي كارتر على الرئيس جيرالد فورد.
ولم ينجح السلام الإسرائيلي ـ المصري، الذي بذل الرئيس جيمي كارتر جهوداً كبيرة من أجل التوصل إليه، في تعبيد الطريق أمامه لولاية رئاسية ثانية، فخسر أمام المرشح الجمهوري رونالد ريغن في سنة 1980. واستناداً إلى هذه السوابق، ونظراً إلى ان انتخاب الرئيس أوباما في سنة 2008 جرى على خلفية الأزمة الاقتصادية الحادة، فإن من الصعب أن نفترض أن الهزيمة الهائلة التي ستلحق بأوباما في الانتخابات النصفية، ستدفعه إلى القيام بمبادرات وتحرك جديد على الساحة الدولية تحديداً.
وعلى العكس من ذلك، فإن حظوظ البيت الأبيض في ترميم مكانته المتداعية مرهونة بقدرته على إحراز تقدم، ولو ضئيل، في جدول الأعمال الأساسي، الذي يتضمن الإصلاحات في المجال الاقتصادي، والرفاه، والتعليم، والطاقة، والهجرة. لكن أوضاع الكونغرس الحالية كما تتنبأ بها استفتاءات الرأي، ستجعل الطريق إلى إصدار قوانين جديدة تحدث تغييرات أساسية محفوفة بالمطبات والعوائق. وسيضطر أوباما إلى مواجهة مجلس النواب الذي بات تحت سيطرة الجمهوريين، وإلى تكريس معظم وقته وجهده من أجل تشكيل ائتلافات، على أمل أن يحقق ولو جزءاً ضئيلاً من خططه.
لذا، ليس من المتوقع أن تركز إدارة أوباما على المسائل الخارجية، حتى لو أجبر الشرق الأوسط أوباما على العمل على إدارة الأزمات. وحتى لو واصلت الإدارة الأميركية تشجيع المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية، فإنها لن تكون بالحماسة والإصرار اللذين كانتا عليه في السابق.
علاوة على ذلك، حتى لو حاول الرئيس الخروج عن الخطوط الحالية وقدم مشروعاً جديداً للتسوية، فثمة شك كبير في أن يحظى المشروع بتأييد الكونغرس. فعلى الرغم من وجود منتقدين لإسرائيل داخل الجناح الليبرالي في مجلسي الكونغرس والشيوخ، فإن القاعدة الجمهورية المؤيدة لإسرائيل كانت وتبقى هي الأكبر والأقوى.
وستبيّن الأشهر المقبلة ما إذا كانت المبادرات الطموحة لمدرسة باراك أوباما قد طويت صفحتها، على الأقل في الموضوع الفلسطيني.