من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· تحاول حكومة إسرائيل منذ خمسة أعوام أن تظهر للعالم الفرق بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"، أي الفرق بين الأخيار والأشرار، وبين الإرهابيين ودعاة السلام، وبين الوفرة والازدهار اللذين حظي بهما المطيعون في الضفة الغربية والضائقة الفظيعة التي تصيب الذين يتحدّوننا في قطاع غزة. واليوم يقع ثلثَا دولة فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي، لكن، فلتنظر دول العالم: إن الاحتلال الكلاسيكي- الذي يستخدم سياسة "فرّق تسد" و"العصا والجزرة"- لم يخرج من هذا العالم. فما كان ملائماً لبريطانيا العظمى في الهند، ولفرنسا في الجزائر، ولإيطاليا في ليبيا، مقلّد بحذافيره في إسرائيل. لكن كيف تتجرأ بريطانيا الخائنة وفرنسا الخبيثة على رفع إصبعيهما في وجه "ألكسندر" نتنياهو؟
· كان كل شيء يسير على ما يرام حتى حدث خطأ ما، فمثلما لم يفهم شاه إيران لماذا لم يعد الإيرانيون يحبونه، ومثلما تعامل حسني مبارك بازدراء مع حركة الاحتجاج وتمتم "دعوهم يلهون"، فإن بنيامين نتنياهو لم يعلم أيضاً ماذا جرى للفلسطينيين، إذ إن كل شيء كان يجري على ما يرام، فالملاهي في رام الله كانت تعمل كما يجب، ومراكز التسوق الجميلة كانت مزدهرة، ومدينة "الروابي" في قيد الإنشاء. وها هو نتنياهو، الرجل الطيب والخيّر، يقرر قبل شهرين فقط تحويل سلفة إلى السلطة الفلسطينية، مقدارها 250 مليون شيكل، من مجموع أموالها المستحقة من عائدات الضرائب. فهل هناك احتلال متحضر مثل الاحتلال الإسرائيلي؟
· إلاّ إن اليد السخية تعرضت فجأة للدغة سامة من الدولة الفلسطينية التي تنمو بين يدي نتنياهو، فليست "حماس" هي التي غدرت به - والتي يمكن قصفها وحصارها في قطاعها أو قطع الكهرباء عنها- وإنما الطفل المدلل[ السلطة الفلسطينية].
· لقد ارتكب أبو مازن خطأ مزدوجاً؛ خرق قواعد اللعبة التي تنص على أن هناك طرفاً واحداً يضع هذه القواعد، وأخذ على محمل الجد شعار "دولتين لشعبين". لكن الخطيئة الكبرى التي ارتكبها محمود عباس أنه أظهر خواء نتنياهو، فقد تداعت الذرائع المعتادة التي تقول إن "الأكثرية التلقائية"، أي الدول الظلامية والمتخلفة، هي التي ستدعم الدولة الفلسطينية، وتنتزع عباس من براثن المحتل، ليظهر فجأة أن هناك دولاً بيضاء قد وقفت إلى جانبه.
· بيد أن إسرائيل لا تخسر على الإطلاق، فهي لا تتراجع، وإنما "تأخذ مسافة"، ولا تجري مفاوضات مع الإرهابيين، وإنما "تتوصل إلى تفاهمات"، وهي لا تعاقب، وإنما "تكوي وعياً". لكن ما الذي يمكن فعله عندما يقوم الفلسطينيون بكيّ وعي إسرائيل، وإفهامها أنها لم تعد تحتل "سكاناً محليين"، وإنما تحتل دولة معترفاً بها؟ والكيّ هو صدمة قومية، وفي حالة المريض نتنياهو، الكيّ يطرد الجنون.
· في البداية، جمدت إسرائيل 450 مليون شيكل من أموال الفلسطينيين بحجة أن عليهم مستحقات لشركة الكهرباء ولقاء خدمات أخرى. وهي الآن تقوم بخصم الديون من عائداتهم، متسائلة لتبرير فعلها هذا: ألا تقوم المصارف بمثل هذه الممارسات بحق زبائنها في كل يوم؟ وألم تقم الولايات المتحدة ودول أوروبا، التي استنكرت اليوم ردة الفعل الإسرائيلية، بتجميد أموال الحرس الثوري وكبار المسؤولين الإيرانيين؟
· بعد ذلك أعلنت إسرائيل بناء 3000 وحدة سكنية جديدة في الأراضي المحتلة، وليست هذه سوى "إجراءات معتدلة"، بحسب قول وزير المال يوفال شتاينتس. وماذا بعد؟ هل ستقيم إسرائيل حواجز على الطرقات؟ وتمنع الخروج من الأراضي المحتلة؟ وتضع قيوداً على التصدير؟ وتفرض حصاراً كالحصار المفروض على قطاع غزة؟ إن "جميع الخيارات متاحة" هو التعبير الدال على نيات الحرب.
· إن الرسالة التي تريد إسرائيل إيصالها واضحة وهي: أيها الفلسطينيون الأعزاء، إننا لا نخاف عقوبات الدول الغربية، ولا المقاطعة التجارية، ولا القطيعة الدبلوماسية. سوف نطلق النار على أرجلنا، ونفقأ عيننا، شرط أن نفقأ عينيكما الاثنتين. ولا تزال أمامنا أعوام طويلة من الاحتلال لن نتخلى عن عام واحد منها.