· قبل ان ننتهي من الاحتفال بانجازات عملية غزة، إذا بنا نتلقى هزيمة سياسية بعد معركة دبلوماسية مضطربة في الأمم المتحدة، ولقد حدث ذلك على الرغم من أننا كنا نعرف منذ أكثر من عام أن محمود عباس يسعى إلى رفع التمثيل الفلسطيني في الأمم المتحدة. لقد بدت حكومة نتنياهو على الساحة الدولية مشلولة تفتقر إلى المبادرة. ولقد برزت اليوم النتائج المترتبة عن عدم وجود خطة سياسية وعن الاصرار على التمسك بالوضع القائم.
· لقد كان التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة يتعارض مع اتفاقات أوسلو ومع مبدأ ضرورة حل المشكلات الجوهرية بواسطة المفاوضات. وفي الحقيقة فإن القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأمس ينطوي على مخاطر جديدة قد تتعرض لها إسرائيل على المستويين القانوني والسياسي ومن شأنها إلحاق الضرر بشرعيتها الدولية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك حقيقة أن عباس لم يهيىء شعبه للسلام، وتصرف عملياً ونظرياً كزعيم يرفض الحوار.
· لكن بدلاً من التأسف على ما حصل يجب القيام بطرح مبادرة جدية، كما يجب ألا ندع الهزيمة الدبلوماسية تدفعنا إلى الاستسلام، وإنما يتعين علينا أن نعرف إلى أين نتوجه، وأن نعيد تحديد رؤيتنا التي يجب أن تستند إلى الرؤيا الصهيونية للوطن القومي للشعب اليهودي في دولته الديمقراطية، والتي تفرض إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.وفي الواقع فإما أن نحقق حل الدولتين لشعبين، أو أن نتحول إلى دولة لا تطبق المساواة بين مواطنيها، أو إلى دولة ثنائية القومية فلسطينية – يهودية.
· ومن أجل ضمان قيام الدولة اليهودية الديمقراطية ضمن حدود آمنة، يجب علينا الانفصال عن الفلسطينيين. طوال الأعوام الثلاثين الماضية، حاول خمسة رؤساء للحكومة بذل كل ما في وسعهم، وكل على طريقته وفي ظروف مختلفة، من أجل تغيير الواقع بما من شأنه أن يخدم إسرائيل. لقد حاول بيغن القيام بذلك من خلال توقيع اتفاق السلام مع مصر [1978]، وهذا ما حاوله رابين بتوقيعه اتفاق أوسلو واتفاق السلام مع الأردن [1993]، وما فعله باراك في مؤتمر كامب دايفيد [في تموز/يوليو 2000]، وما فعله شارون من خلال تطبيق خطة الانفصال عن قطاع غزة [حزيران/يونيو 2005]، وما حاوله أولمرت في مؤتمر أنابوليس [2007]
· إن الخطوط العامة للتسوية السياسية باتت معروفة منذ عشرات السنين ومنذ أيام الرئيس الأميركي بيل كلينتون. وكلما مر الوقت، كلما ابتعدنا عن احتمال التوصل إلى حل عملي للمشكلات الجوهرية في النزاع بين الشعبين مثل مشكلة القدس واللاجئين والحدود والأمن. ويمكن القول بأن التطورات الدراماتيكية التي يشهدها العالم العربي، ونمو التطرف، وتحول إيران إلى دولة نووية، وصعود الإسلام السياسي من حولنا، كل ذلك لا يسهل علينا الوضع.
· إن مصلحة إسرائيل تفرض علينا استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، ويتعين على الحكومة الإسرائيلية العودة إلى التحاور من أجل التوصل على الأقل إلى تسوية موقتة جديدة بشأن الحدود والأمن والاقتصاد، والتي من شأنها أن تقربنا من حل الدولتين لشعبين الذي هو أفضل بالنسبة لإسرائيل ويستند إلى قيمنا الوطنية الأساسية. كما علينا ألا نخاف من الخطوات الأحادية الجانب التي تقربنا على عملياً من واقع الدولتين، شرط أن يكون ذلك بالتنسيق الوثيق والمسبق مع المجتمع الدولي بزعامة الولايات المتحدة.
· وفي انتظار استئناف الحوار السياسي، يجب الإعداد بصورة بناءة لمبادرة إسرائيلية تشكل أساساً لخطوات أحادية الطرف يمكن أن تؤدي في النهاية إلى الانفصال عن الفلسطينيين والتحضير التدريجي لواقع نشوء دولتين قوميتين. إن مثل هذا الإعداد سيساعد في نهاية المطاف أيضاً على الانفصال عن الفلسطينيين من خلال المفاوضات.