· أعتقد أن المؤسسة السياسية في إسرائيل كانت على حق بشأن ثلاثة أمور رئيسية تتعلق بعملية "عمود السحاب" التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة. وهذه الأمور هي: أولاً، تحديد أهداف متواضعة للعملية؛ ثانيًا، الامتناع من شن عملية عسكرية برية؛ ثالثًا، الموافقة على وقف إطلاق النار.
· في الوقت نفسه أعتقد أن المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل ارتكبتا خطأ عندما قررتا أن تصنفا الأهداف التي قام سلاح الجو بقصفها ضمن مجموعتين فقط: مجموعة أهداف عسكرية لا بُد من قصفها، ومجموعة أهداف مدنية لا يجوز قصفها. وكان يتعين على هاتين المؤسستين أن تصنفا الأهداف ضمن ثلاث مجموعات، وأن تضيفا إلى المجموعتين المذكورتين مجموعة أهداف ثالثة تتعلق بالبنى التحتية الوطنية، وأن تعتبرا قصفها شرعيًا.
· لماذا أقول ذلك؟ لأن إسرائيل لا تقاتل [في قطاع غزة] منظمات "إرهابية"، وإنما تقاتل دولة. فمنذ حزيران/ يونيو 2007 تحوّل القطاع وإن بصورة غير مباشرة إلى دولة. وبرأيي، يعتبر هذا الأمر أفضل بالنسبة إلى إسرائيل، سواء من حيث عامل الردع، أو من حيث إمكان التوصل إلى اتفاقيات. وفي ضوء هذا الوضع كان من الأجدر قصف أهداف تخدم سلطة هذه الدولة، مثل المباني الحكومية، ومحطات الوقود، ومراكز الاتصالات، والجسور، وشبكة الكهرباء وغيرها. كما أنه كان من الممكن توسيع نطاق عملية "عمود السحاب" من خلال شمل هذه البنى التحتية ضمن هجمات سلاح الجو، لا من خلال شن عملية عسكرية برية.
· ولو تم ذلك ولحق بالقطاع دمار كبير، لكان في إمكاننا بثقة عالية أن نقدّر بأن هدف ترميم قوة الردع الإسرائيلية قد تحقق. ولا شك في أن هذا الدرس مهم في أي جولة حربية مقبلة، ولا سيما فيما يتعلق بلبنان، ذلك بأنه إذا خضنا "حرب لبنان الثالثة" ضد الأهداف العسكرية لحزب الله فقط، فإننا سنخسرها. بناء على ذلك يتعين على إسرائيل أن تنظر إلى حزب الله باعتباره جزءًا من مؤسسة الدولة اللبنانية، مثلما أن حركة "حماس" هي جزء من مؤسسة دولة غزة، وأن تخوض الحرب ضد الدولة اللبنانية كلها.
· يستحق الجيش الإسرائيلي الكثير من المديح على قيامه بتدمير معظم ترسانة الصواريخ الموجودة في حيازة "حماس". مع ذلك لا بُد من القول إننا أهدرنا خلال عملية "عمود السحاب" فرصة كبيرة لإلحاق أضرار فادحة بقدرة حركة "حماس" على الحكم، وذلك بهدف ضمان ردع أكبر، وتحقيق أحد الأهداف الرئيسية لهذه العملية.