من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· تستخدم الدول الساعية للسلام القوة العسكرية لهدفين رئيسيين: المحافظة على سيادتها وسلامة سكانها، وضمان تأجيل استخدام هذه القوة العسكرية إلى أبعد أجَلٍ ممكن. ومن هنا، فإن على إسرائيل أن تكرس جهودها، خلال المدة الزمنية الفاصلة بين جولات العنف، لتعزيز قدراتها القومية من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولمحاولة إخراج أعدائها من دائرة القتال، من خلال إبرام اتفاقيات سياسية وتحالفات استراتيجية.
· لقد فشلت حكومة نتنياهو في تحقيق أي من هذه الأهداف. ومثلما فشلت الحكومات الثلاث السابقة في إنجاز تسويات، فشلت هذه الحكومة في تحقيق الردع الذي يمنع تكرار جولات العنف وتقصير مدة الهدنة فيما بينها. لكن، خلافاً لحكومتي إيهود باراك وأولمرت، لم تسعَ هذه الحكومة لتحقيق اتفاقيات سياسية، وعلى نقيض حكومة شارون، فهي لم تعزّز التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية. لا بل على العكس من ذلك، وهذا أخطر بكثير، فلقد كرّست سياسة "الجلوس والانتظار"، ولم تسعَ لمنع من أن تؤدي الانقلابات الاجتماعية وتغيّرات أنظمة الحكم في العالم العربي وفي تركيا، إلى تأكل الأحلاف الاستراتيجية التي استفادت منها إسرائيل مع هذه الدول في الأعوام الماضية.
· ولقد كانت سياسة "الجدار الحديدي" التي طبقتها إسرائيل خلال عقود، ومضمونها هو سياسة القوة والتفوق العسكريين، سديدةً وناجحةً في مواجهة الرفض العربي للاعتراف بحقوقها. لكن ذلك لم يجعل إسرائيل تنسى ضرورة اقتراح بدائل سياسية تقوم أساساً على تسوية دائمة يكتفي فيها كل طرف بنصف مطالبه. وهذا الشرط الرئيسي هو الذي أثمر معاهدتَيْ سلام، مع كل من مصر والأردن، بالإضافة إلى استعداد سورية آنذاك إلى التوقيع على اتفاقية سلام وفق صيغة الأراضي مقابل السلام. ويمكن القول إن الاستخدام المشترك للردع العسكري وللبحث عن حلول سياسية لم يؤد إلى تغيير عميق في الوعي العربي تجاه الصراع، إلاّ أنه منح إسرائيل الفترات السلمية الأطول في تاريخها، وهي المستمرة حتى الآن.
· ومما لا شك فيه أن التفوق العسكري والشرعية الدولية لإسرائيل هما اللذان دفعا منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1988 إلى استبدال الكفاح المسلح غير المجدي لتحرير فلسطين، أي "[كامل أرض] الوطن"، بالنضال السياسي لتحقيق تقرير المصير في الضفة الغربية وقطاع غزة، أي "الدولة" [الفلسطينية] إلى جانب إسرائيل. ومن هنا، فإن رفضَ نتنياهو وليبرمان لمقترحات محمود عباس حول اتفاقية بهذه الصيغة، يقوّي حركة حماس، التي تطرح من جانبها سياسة "الكل أو لا شيء".
· لقد نجحت حكومة نتنياهو في نقل عدوى هذه السياسة الفاشلة إلى قادة الأحزاب الأخرى. وتشهد التصريحات الهزيلة لكل من شيلي يحيموفيتش ويائير لبيد، بالنسبة لشروط تحقيق تسوية مع السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، عن عدم فهمهما للقيود والعوامل التي تُمْلي "حيّز الاتفاق" الممكن فيما بين الأطراف، بالنسبة لكل من قضايا الصراع الجوهرية – ولمجمل هذه المسائل ضمن إطار "رزمة شاملة".
· وبالإضافة إلى ذلك، تكشف عمليةُ "عمود السحاب" عدم جدية هؤلاءِ القادةِ في حديثهم وتركيزهم على "العدالة الاجتماعية". وذلك لأن كل مواطن إسرائيلي حريص على بلده يستطيع أن يقيس بسهولة عبء الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لكل يوم حرب (1,5 مليار شيكل)- كلفة إطلاق صاروخ لمنظومة "القبة الحديدية"(ربع مليون شيكل)، أو كلفة ساعة طيران لمقاتلة إف - 16 (ربع مليون شيكل)- على ميزانية الدولة وعلى حياة مواطنيها. ولا يصعب علينا أن نتذكر كيف أن حكومات إسرائيل المتعاقبة أضافت على ميزانية الأمن، في العقد الأخير، نحو 48 مليار شيكل نتيجة عمليات الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، أو كلفة عملية "الرصاص المسبوك" (نحو 4 مليار شيكل).
· وبالتالي، فإن الوعد المتضمَّن في تسمية عملية "عمود السحاب"، أي إيصالنا إلى برّ الأمان، مشروط بقدرة الجمهور الإسرائيلي على استيعاب الأفكار القديمة – الجديدة، وعلى دفع حكومة نتنياهو بأن تسعى، في موازاة محاربة حركة حماس، التي تطالب بفلسطين واحدة "من البحر إلى الأردن"، إلى التوصل إلى تسوية مع منظمة التحرير الفلسطينية، التي تكتفي بـ "دولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل