· إن الإعلان عن وقف إطلاق النار الآن سيء بالنسبة لإسرائيل. إذ على الرغم من الضرر الكبير الذي لحق بقدرة "حماس" على اطلاق النار، إلا إنها ما زالت قوية بقدر لا بأس به. ويتساءل سكان جنوب إسرائيل: إذا كانت التنظيمات الإرهابية ما زالت قادرة بعد 1400 طلعة جوية [لسلاح الجو الإسرائيلي] على قصف أشكلون وأشدود وبئر السبع والقدس وريشون لتسيون، وتعطيل حياة نصف سكان الدولة، فإن معنى ذلك أن المعركة ما زالت طويلة. وهكذا يمكن القول إنه على الرغم من الضربة العسكرية التي تلقتها "حماس" فإنها ما زالت صامدة، لا بل أصبحت سياسياً أكثر قوة مع وقوف مصر وتركيا إلى جانبها. والمغزى من هذا كله أننا لم ننتصر لا بالضربة القاضية ولا بالنقاط.
· إن نقطة الضعف الأساسية في التفاهمات التي يجري التوصل إليها مع "حماس" هي تلك المتعلقة بالردع. إذ من بين أهم الأهداف المعلنة للعملية العسكرية كان ترميم قدرة إسرائيل على الردع لفترة طويلة. فهل تحقق ذلك؟ ثمة شك كبير في أن هذا تحقق، إذ يمكن وصف ما حدث الآن بأنه نوع من التعادل: لقد باتت "حماس" مدركة بأن إسرائيل قادرة على الوصول إلى زعمائها وقادتها وتوجيه ضربات قاسية للبنى التحتية العسكرية والمدنية التابعة لها، لكنها في المقابل أثبتت "حماس" لإسرائيل بأن لاشيء يقف في وجه قصفها لوسط إسرائيل وللبلدات في الجنوب، وأنها قادرة على إرغام مليون ونصف المليون على البقاء في الأماكن الآمنة، وعلى زرع الخوف في الشوارع وشل الحياة العامة. بالإضافة إلى هذا كله يمكن أن نضيف حقيقة أخرى هي أن إسرائيل وليس "حماس" هي التي ظهرت في الأيام الأخيرة تريد وقفاً لإطلاق النار كي تجنب نفسها القيام بعملية برية.
· والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما العمل؟ أولاً ينبغي ألا نتعب طالما أن بنك الأهداف الجوية لم يستنفد بعد. لكن هل يعني ذلك أنه يتعين علينا القيام بعملية برية؟ إن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تأتي من جانب القيادتين السياسية والعسكرية وذلك في ضوء فائدة هذه العملية. فإذا تبين أن هذه العملية ليست مفيدة، يجب عدم التهديد بها، لكن في حال كان العكس صحيحاً فإن غياب الشرعية الدولية يجب ألا يمنعنا من القيام بها.