· المأزق الذي يواجه المفاوضات على جبهة غزة ناجم أساساً عن ضرورة التنسيق بين ثلاث صفقات، من حيث التوقيت والمضمون: صفقة تهدئة، وصفقة معابر، وصفقة إطلاق أسرى فلسطينيين في مقابل الجندي غلعاد شاليط.
· أين وصلت الأمور الآن؟ فيما يتعلق بصفقة التهدئة، تمكن المصريون و"حماس" من التوصل إلى توافقات بشأن النقاط كلها تقريباً. فقد تم الاتفاق على أن تتعهد "حماس" بأن تستمر التهدئة عاماً ونصف عام على الأقل، وعلى أنها تعترف بحق إسرائيل في الرد عسكرياً على كل خرق للتهدئة ـ أي، إطلاق صواريخ أو تنفيذ عملية تفجيرية انطلاقاً من القطاع، وعلى عدم السماح للمسلحين والتنظيمات بالعمل والوجود ضمن مسافة تقل عن 200 متر خلف السياج الأمني، وذلك على الرغم من أن إسرائيل طلبت تحديد المسافة بـ 500 متر. كما تم الاتفاق على أن تسري التهدئة على المنظمات المسلحة كلها، وعلى أن تلتزم "حماس" فرضها.
· فيما يتعلق بالمعابر، هناك توافق عام بين مصر و "حماس". والاتفاق لم يتم نهائياً على التفصيلات كلها، لكن هناك صيغة مبدئية واضحة. ويدور الكلام على ثلاث مراحل: مرحلة أولى تفتح إسرائيل فيها المعابر الكائنة بينها وبين القطاع بنسبة 70% من حيث المدة الزمنية والطاقة وأنواع السلع. وفي المرحلة الثانية تفتح إسرائيل المعابر بشكل كامل. أمّا في المرحلة الثالثة، وبعد تحقيق مصالحة بين "حماس" و"فتح" والسلطة الفلسطينية، فيتم فتح معبر رفح بإشراف عناصر تابعة للرئيس محمود عباس ومراقبين دوليين.
· الأمر الذي لا يزال عائقاً أمام التسوية هو المحاولة اليائسة التي تبذلها "حماس" لتصوير تسوية المعابر على أنها إنجاز سياسي للحركة، وليس خضوعاً للتهديد الإسرائيلي الذي يربط بين فتح المعابر وحدوث تقدم في قضية غلعاد شاليط. و"حماس" تريد تنفيذ المرحلة الأولى من تسوية المعابر قبل أن يكون هناك اتفاق بشأن إطلاق شاليط، لكن أولمرت وباراك وليفني رفضوا ذلك بقصد عدم تكرار الغلطة التي ارتكبوها لدى إعلان التهدئة السابقة في الصيف الفائت. ففي ذلك الحين وعدت "حماس" بتسريع المفاوضات بشأن شاليط، لكن شيئاً بهذا الصدد لم يحدث.
· فيما يتعلق بصفقة غلعاد شاليط، هنا أيضاً حدث تقدم خلال الأسابيع القليلة الفائتة. فقد استأنفت "حماس" المفاوضات بشأنها أخيراً، كما أوضحت مطالبها بالأرقام والأسماء، وتعاملت مع المقترحات الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على صيغة الصفقة مبدئياً، وهي تتكون من مرحلتين، والمساومة الآن تدور أساساً على أسماء بعض الذين تطالب "حماس" بإطلاقهم. ويدور الكلام على بضع عشرات من الأسماء، وعلى عدم لجوء إسرائيل إلى الربط علناً بين فتح المعابر وبين صفقة غلعاد شاليط. وتريد "حماس" أن يكون واضحاً أنها هي التي تبتز إسرائيل، وليس العكس، فهذا الأمر مهم بالنسبة إلى صورة النصر التي تريد الحركة عرضها أمام العالم.
لا تستطيع إسرائيل التصرف وكأنها تملك الوقت كله. فأولمرت لا يريد إنهاء مهمات منصبه من دون أن "ينظف الطاولة" ويزيل قضية شاليط عنها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى باراك وليفني. ولذا من الجائز الافتراض أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية سيتخذ، خلال الأسبوع الجاري، القرار الحاسم المتعلق بالمسائل الثلاث، وفي مقدمها مسألة غلعاد شاليط.