هل يتعين على واشنطن تقديم تنازلات لطهران من أجل الحصول على موافقتها على إجراء مفاوضات مباشرة؟]
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

·       إن فرضية وجود قناة اتصال مباشرة بين إيران والولايات المتحدة ليست بحاجة إلى إثبات آخر، فمنذ أن تسلم الرئيس الأميركي باراك أوباما مهمات منصبه هذا أعلن نيته إجراء حوار مباشر مع إيران، إمّا من خلال خطابات علنية، وإمّا من خلال تلميحات رمزية. ويمكن القول إن تعيين دنيس روس مستشاراً خاصاً لشؤون الخليج الفارسي بما في ذلك إيران، لدى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، كان يهدف إلى دراسة إمكان إجراء حوار مباشر كهذا بين إيران والولايات المتحدة، لكن يبدو أن روس لم يكن مقتنعاً باحتمال تحقيق ذلك، ولذا استقال من منصبه بعد فترة وجيزة. مع هذا فإن الجهود الرامية لدفع هذا الحوار قدماً لم تتوقف سواء مع روس أو من دونه.

·       إن السؤال المهم الذي يجب طرحه لا يتعلق بموضوع وجود حوار أو اتصال بين إيران والولايات المتحدة أو عدم وجودهما، وإنما بجوهر التنازلات التي تعين على واشنطن أن تقترحها على طهران من أجل الحصول على موافقتها على الانخراط في مثل هذا المسار.  

·       ومعروف أنه في إبان ولاية الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، أعربت إيران عن رغبتها في إجراء حوار مباشر "من دون وسطاء" مع الولايات المتحدة، ووجه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد رسالة مطولة في هذا الشأن إلى نظيره الأميركي. غير أن إيران وضعت شرطاً مسبقاً لذلك، وهو أن تتعهد واشنطن بعدم شن أي هجوم عسكري عليها في أثناء المفاوضات. وقد رفض بوش أن يمنح إيران تعهدا كهذا، وبدلاً من ذلك طلب منها أن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم كشرط لإجراء مفاوضات معها.

·       غير أن أوباما طرح مقاربة مغايرة تغضب إسرائيل على وجه الخصوص، ووفقاً لها ليست هناك أي شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مع إيران، وخطوطه الحمر لا تتعامل مع عمليات الإنتاج الفعلية للأسلحة النووية وإنما مع عمليات التخصيب، وذلك خلافاً لموقف كل من إسرائيل وبوش. والسؤال فيما إذا كان أوباما تجاوب مع طلب إيران الحصول على تعهد بعدم شن هجوم عليها في أثناء المفاوضات لم يحظ حتى الآن بأي جواب علني.

·       ولا بد أيضاً من طرح السؤال التالي: هل الموافقة الإيرانية [على إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة] ساهمت في صوغ خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي منح فيه الإدارة الأميركية مهلة أخرى حتى الربيع أو الصيف [لكبح البرنامج النووي الإيراني]؟

·       إن الدلالة الأهم لموافقة إيران على إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة ليست كامنة في احتمال رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها في مقابل وقف تخصيب اليورانيوم، وإنما في إضفاء شرعية عامة من طرفها على إجراء اتصالات مع "الشيطان الأكبر" [أميركا]، وفي حدوث تحول جوهري في رؤيتها الولايات المتحدة كعدو. وربما يكون مطلب إيران إرجاء إعلان انطلاق هذه المفاوضات إلى ما بعد نشر نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية [في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل] دليلاً على وجود رغبة لديها لا في كسب مزيد من الوقت، وإنما في ضمان عدم سقوط مبادرة حسن نية تاريخية كهذه [في حال انتخاب المرشح الجمهوري ميت رومني] في يد رئيس لا يعرف ماذا يفعل بها، أو لا يكون راغباً في استخدامها.