· يمكن القول إن التحالف الوثيق الذي كان قائماً بين حركة "حماس" وبين كل من إيران وسورية أبعد هذه الحركة عن دول عربية أخرى، بما في ذلك دول مثل السعودية تعتبر نفسها أقرب إليها من الناحية الفكرية. غير أن هذا الوضع تغير كثيراً منذ اندلاع ثورات "الربيع العربي"، ولا سيما بعد أن تسلمت حركة "الإخوان المسلمين"، التي تعتبر الحركة الأم لـ "حماس"، سدة السلطة في مصر، وفي إثر اندلاع ثورة شعبية في سورية تتسم بطابع إسلامي. وقد اضطرت هذه الثورة الأخيرة حركة "حماس" إلى قطع علاقاتها مع سورية، الأمر الذي أثار غضب الإيرانيين عليها.
· في الوقت نفسه نلاحظ أن مصر وتركيا لم تسارعا إلى ملء الفراغ الناشئ عن قطع "حماس" علاقاتها مع سورية وإيران، وينعكس هذا الأمر في عدم إدراج قضايا قطاع غزة في رأس سلم أولويات كل من رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، والرئيس المصري محمد مرسي.
· وعلى ما يبدو فإن أمير قطر [الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني]، الذي سيقوم اليوم (الثلاثاء) بزيارة للقطاع، هو الذي يسعى لملء هذا الفراغ. ولا شك في أن زيارته هذه من شأنها أن تمنح شرعية لسلطة "حماس" في القطاع، والأهم من ذلك هو تقديم مساعدات مالية هائلة تساعد هذه السلطة في تعزيز مكانتها.
· إن المتضرر الرئيسي من ذلك ليس إسرائيل فحسب، بل السلطة الفلسطينية أيضاً. مع هذا، لا يملك كلاهما سوى أن يراقبا عن كثب كيف ستقوم قطر بمنح شرعية لسلطة "حماس"، في الوقت الذي تقف فيه على رأس المؤيدين للثورة السورية والداعمين لها مادياً، وذلك بعد أن منحت شرعية للتدخل الغربي في ليبيا الذي أدى إلى إسقاط نظام معمر القذافي.
· إن قطر تتصرف كما لو أنها دولة إقليمية عظمى، فقد كانت أول دولة من بين دول الخليج الفارسي التي أقامت اتصالات مع إسرائيل، واستضافت سياسيين إسرائيليين، وفتحت ممثلية دبلوماسية إسرائيلية في الدوحة ظلت تعمل فيها حتى عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية الإسرائيلية في غزة في شتاء 2009. وفي الوقت ذاته يوجد فيها مقر قيادة القوات الأميركية في الخليج الفارسي. وكل ذلك ناجم عن الدمج بين التطلعات الكبيرة للأسرة الحاكمة وبين الرغبة في الحفاظ على البقاء في وجه شتى التهديدات.