ما دام الأميركيون يتحدثون عن ضربة عسكرية لإيران لماذا هم غير مستعدين لفرض عقوبات على مصرفها المركزي؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

·      يمكننا القول إن الإشارة العلنية الواضحة والأولى إلى احتمال مهاجمة أميركا إيران برزت أمس، في 20 كانون الأول / ديسمبر، في تصريحات وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الذي قال إن إيران بحاجة إلى عام لإنتاج القنبلة النووية، وإن الولايات المتحدة لن تسمح بحدوث ذلك، وهي ستستخدم القوة لمنعها عند الحاجة، ويبدو أن الأميركيين أدركوا أخيراً أنهم حتى لو كانوا لا ينوون مهاجمة إيران، فإن عليهم تهديدها جدياً بذلك وبصوت عال. فالمرة الوحيدة التي علّقت فيها إيران مشروعها العسكري النووي كانت عشية الغزو الأميركي للعراق [سنة 2003]، الأمر الذي يؤكد أن الإيرانيين يفهمون لغة القوة، ولا يحبون أن يضربوا رأسهم بالحائط.

·      والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو التالي: ماذا يعني الجدول الزمني الذي تحدث عنه بانيتا وقال إنه يقارب العام؟ يعتقد الأميركيون أن الإيرانيين ليسوا قادرين خلال عام على إنتاج القنبلة، وأن الوقت المتاح لهم لصنع القنبلة هو عام واحد، أقل أو أكثر قليلاً. كما أن الأميركيين يعتقدون أنه منذ اللحظة التي يتخذ فيها الإيرانيون قرارهم بـ "الاندفاع نحو صنع القنبلة"، فسيطردون مراقبي الأمم المتحدة ويدخلون في مواجهة مع العالم، وسيكونون بحاجة إلى عام كي يحققوا هدفهم النهائي. وحتى الآن لم يتخذ الإيرانيون قرارهم، ومن هنا الحديث عن مدة عام.

·      لدينا بعض التحفظات على هذا الكلام، فإذا كان الأميركيون جديين في كلامهم بشأن قدرة  إيران على إنتاج القنبلة خلال عام، لماذا إذاً هم ليسوا مستعدين حتى الآن لفرض عقوبات على المصرف المركزي الإيراني؟ ففي الوقت الذي يؤيد فيه مجلس الشيوخ هذه العقوبات، وكذلك مجلس النواب وأطراف في الإدارة الأميركية، لم يعلن البيت الأبيض حتى اللحظة موافقته عليها لأنه يدرك أن القرار سيؤدي إلى أزمة نفط وإلى ارتفاع كبير في أسعاره، ومعنى ذلك أن حظوظ باراك أوباما في أن يُنتخب رئيساً للمرة الثانية في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل ستكون مساوية لحظوظ الرئيس بشار الأسد في البقاء في السلطة حتى ذلك التاريخ. وبما أن أوباما لا ينوي الانتحار، فإنه يبقي المصرف المركزي الإيراني خارج العقوبات. كما أنه طبعاً لا يريد هجوماً على إيران.

في الخلاصة، بالنسبة إلينا يُعد السلاح النووي الإيراني مسألة حياة أو موت، أمّا بالنسبة إلى أميركا فهو مشكلة غلاء معيشة، وحتى نهاية تشرين الثاني / نوفمبر سيكون الأميركيون غارقين في الانتخابات، ومن الصعب أن يهاجموا أياً كان. إنما بعد تشرين الثاني / نوفمبر سيكون الأوان قد فات، ومن هنا شعورنا بالخوف.