إخماد موقت للتوتر
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • على الرغم من إطلاق الصواريخ على النقب يوم أمس، إلاّ إنه جرى إخماد التوتر على الحدود مع قطاع غزة، بالتدريج. وحتى الآن لم تنجح الاستفزازات التي قامت بها حركة "الجهاد الإسلامي" في إشعال النار، وذلك لعدم وجود رغبة واضحة لدى كل من إسرائيل و"حماس" في استمرار المواجهة. وفي حال عدم وقوع أي حادث يمكن أن يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الإصابات لدى الطرفين (وبصورة خاصة لدى إسرائيل)، فإنه من المنتظر أن تنتهي الجولة الحالية من العنف في غضون يوم أو يومين.
  • وكانت مصادر مصرية أعلنت فجر اليوم نجاح أجهزة الاستخبارات في القاهرة في التوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بيد أن تجدد إطلاق الصواريخ في الساعة السادسة صباحاً على أسدود كذّب هذا الخبر. وعلى الرغم من ذلك، فقد تبين على الفور أن هذه هي المجموعة الأخيرة من الصواريخ في هذه المواجهة التي أراد "الجهاد الإسلامي" أن يثبت أن له الكلمة الأخيرة فيها.
  • وقد ساهم الاستخدام الفعال للقبة الحديدية التي نجحت في اعتراض صاروخين، بالإضافة إلى انتهاء القصف من دون وقوع قتلى [تبين لاحقاً سقوط قتيل إسرائيلي جراء القصف]، في جعل إسرائيل تمارس سياسة ضبط النفس.
  • وفي حال التوصل إلى تهدئة فإن الفضل في ذلك سيعود إلى مصر. وكما حدث في صفقة شاليط، فإن الوسيط المصري هو الذي نجح في التوصل إلى تسوية لأن الطرفين المعنيين يرفضان تماماً المفاوضات المباشرة. وعلى الرغم من تجاوب حركة "الجهاد الإسلامي" مع طلب القاهرة بوقف إطلاق النار، إلاّ إنه ثمة تخوف مما سيكون عليه موقف الحركة ومعها تنظيمات فلسطينية صغيرة في القطاع من التردد الإسرائيلي في الرد، ومن عدم قيام "حماس" بمنع إطلاق الصواريخ بالقوة.
  • وعلى افتراض أن هذه الجولة هي على وشك الانتهاء، إلاّ إن هناك ثلاثة تساؤلات مطروحة هنا، وهي: السؤال الأول يتعلق بالأسباب التي أدت إلى هذه الجولة، ومن الذي بدأ؟ إذ يبدو أن "الجهاد" هو الذي بدأ، ومن دون سبب واضح، (اللهم إلاّ إذا أراد بذلك إحياء الذكرى السنوية لاغتيال زعيم التنظيم فتحي الشقاقي المتهمة إسرائيل باغتياله) بإطلاق صاروخ كاتيوشا على أسدود يوم الأربعاء الماضي، الأمر الذي أدى إلى قيام سلاح الجو بتنفيذ غارة يوم السبت أدت إلى مقتل خمسة عناصر من "الجهاد" ينتمون بحسب الاستخبارات الإسرائيلية إلى الخلية نفسها التي أطلقت صاروخ الكاتيوشا يوم الأربعاء.
  • وهنا يأتي السؤال الثاني: في حال كانت إسرائيل تنتظر قيام "الجهاد الإسلامي" بالرد على مقتل عناصره، لماذا إذاً كان تحرك الجبهة الداخلية بطيئاً؟ فحتى ظهر السبت لم تكن بطاريات القبة الحديدية موزعة كما يجب للدفاع عن النقب.
  • أمّا السؤال الثالث الأكثر أهمية فهو الذي يتعلق بموازين القوى بين إسرائيل والقطاع. ومما لا شك فيه أن "حماس" لا تسعى حالياً لمواجهة عسكرية بعد النجاح المعنوي الذي حققته من خلال صفقة شاليط، وهي لا ترغب اليوم في الدخول في مواجهة ستؤدي إلى خسائر في صفوفها أكبر بكثير من الخسائر الإسرائيلية. لكن علينا عدم تجاهل التآكل التدريجي للردع، فقبل عام كان من الصعب أن نصدق أن حكومة اليمين قررت ضبط النفس في الرد على إطلاق الصواريخ التي شلت الحياة في أشدود وعسقلان وبئر السبع، وهذا أمر تعرفه جيداً الفصائل الفلسطينية و"الجهاد" والتنظيمات الصغيرة التي لا تخاف من بدء جولة جديدة من العنف.
  • لقد نجحت إسرائيل في الحصول موقتاً على الهدوء، لكن  الخطر الأمني الذي يتربص بها من القطاع آخذ في الازدياد. إن لدى "حماس" والجهاد الإسلامي صواريخ يمكنها الوصول إلى وسط إسرائيل، وسيستخدمانها عاجلاً أم آجلاً، وحينئذ ستضطر إسرائيل إلى الرد.