· إن إسرائيل تفتقر، في الوقت الحالي، إلى اليسار. بكلمات أخرى، يمكن القول إن هناك مجموعات صغيرة للغاية ومبعثرة، يجوز اعتبارها يساراً، وهي: بقايا حزب ميرتس؛ غوش شالوم؛ الفوضويون؛ بعض الهوامش الضيقة في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة [حداش]، والتي تعتبر في معظمها حزباً قومياً فلسطينياً.
· إن ضعف اليسار لا يميّز إسرائيل فقط، غير أنه أكثر تطرفاً لدينا. فقد تراجع اليسار الأوروبي، الذي تميز بمفاهيم اشتراكية ديمقراطية، لأنه كان يعتمد تاريخياً على النقابات العمالية ونضالاتها، وهذه تراجعت بدورها هي أيضاً.
· أمّا في إسرائيل، فمن المعروف أن الاشتراكية الديمقراطية جاءت من الأعلى، وفُرضت من قِبل اتحاد نقابات العمال (الهستدروت)، الذي كان بمثابة صاحب العمل الأكبر في الدولة، وفرض هيمنته السياسية عليها أيضاً. وقد تلقى اليسار الاقتصادي الإسرائيلي الضربة القاضية لا من اليمين، وإنما من قادة "اليسار"، أمثال شمعون بيرس وميخائيل برونو [محافظ المصرف المركزي الأسبق]، الذين قاموا بإصلاحات اقتصادية عززت قوة ونفوذ النخب الأيديولوجية، التي تركزت في وزارة المالية، وباتت توجّه دفّة سفينة الاقتصاد الإسرائيلية.
· ربما سيقول البعض إن اليسار الإسرائيلي لم يكن حركة اجتماعية أصيلة، وإن هذه الصيغة كانت تعني: "معسكر السلام"، لكن حتى معسكر السلام هذا لم يعد قائماً في إسرائيل في الوقت الحالي. إن الذي قضى على هذا المعسكر لم يكن يغئال عمير [الذي اغتال رئيس الحكومة الأسبق يتسحاق رابين]، وإنما إيهود باراك [رئيس الحكومة الأسبق والرئيس الحالي لحزب العمل]، الذي أعلن [في إثر قمة كامب ديفيد في سنة 2000] أنه لا يوجد شريك للسلام.
إن الانتخابات العامة الأخيرة [في شباط/ فبراير 2009] بينت أن ناخبي معسكر السلام في إسرائيل صوّتوا، في معظمهم، لحزب كاديما. ومنذ ذلك الوقت، فإن التيار السياسي الغالب في الأحزاب الإسرائيلية هو تيار الوسط، الذي يميل أكثر إلى اليمين. ولذا، يتعين على الذين يتهمون، بين الفينة والأخرى، اليسار بالتسبب بالوضع الذي آلت الدولة إليه، أن يدركوا أنه لم يعد هناك يسار في إسرائيل.