من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إن [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] يتسحاق رابين لم يكن قديساً، فهو كغيره، بُهر بالمال. ولو أن المقربين منه خضعوا للرقابة التي يخضع لها المقربون من زعماء إسرائيل، في الوقت الحالي، لما بقيت حياته كما كانت عليه، ولما كانت سلطته نظيفة من الشوائب.
· كما أن رابين لم يكن عبقرياً، فقد افتقر إلى المفهوم التاريخي العميق والمثابر. ولذا، فإنه عندما اختار الجنوح إلى السلام، كان مُنقاداً وليس قائداً. ويبدو لي أن الزعيم الفلسطيني المخادع، ياسر عرفات، ونائب وزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق، يوسي بيلين، هما اللذان تسببا بالثورة السياسية الكبرى، التي حدثت في سنة 1993 [نتيجة اتفاق أوسلو الذي تم التوصل إليه في إبان ولاية رابين الثانية في رئاسة الحكومة].
· وقد أقام رابين دولة فلسطينية في قيد التكوين، من دون أن يحل التناقض القائم بين ما أقدم عليه، وبين معارضته العلنية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، ولتقسيم القدس، ولتسليم غور الأردن.
· لكن على الرغم من ذلك كله، فإن رابين كان عظيماً، وذلك ليس فقط لأنه أنقذ القدس [الغربية] في إبان "حرب الاستقلال" [حرب 1948] وأعدّ الجيش الإسرائيلي بصورة مثالية لحرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967]، وليس فقط لأنه كان شريكاً في إيجاد التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة في سنة 1970، وبدأ عملية السلام مع مصر في سنة 1975، وإنما أيضاً لأنه أدرك الخطر المصيري الكامن في الاحتلال الإسرائيلي وقرر أن يفعل شيئاً. إن استعداد رابين، الذي كان في السبعين من عمره خلال ولايته الثانية، لأن يُحدث التغيير ويجازف كي يُخرج إسرائيل من الوحل، جعله زعيماً تاريخياً وشخصية يحتذى بها.
· ويجدر بـ [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو و[وزير الدفاع] إيهود باراك، لدى قيامهما بإلقاء خطابات في مهرجانات ذكرى اغتيال رابين، والتي ستُعقد في هذه الأيام، أن يتساءلا أين هما منه الآن؟ فقد مضت تسعة أشهر على الانتخابات الإسرائيلية العامة، وسبعة أشهر على تأليف الحكومة، ولم يكلف أي منهما نفسه عناء تبليغنا الوجهة التي نمضي إليها، وما هو الهدف، وما هي الغاية.
إن بصيرة رابين الكبرى كانت كامنة في إدراكه أن الدولة اليهودية ـ الديمقراطية لا تملك خيار الاستمرار في الوضع القائم، ولذا فإنها تقف أمام خيارين: إمّا الخروج من الوحل [الاحتلال]، وإمّا الغرق فيه. ويتعين على الحكومة الإسرائيلية الحالية أن تستوعب هذه الحقيقة. وقد حان الوقت كي نعرف إلى أين نمضي.