الولايات المتحدة حاولت استئناف المفاوضات بين إسرائيل وسورية بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

 

·       علمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه كان هناك فصل آخر في مسلسل جهود الوساطة التي بذلتها الولايات المتحدة من أجل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل، فضلاً عن الفصل الذي جرى في خريف 2010 وكُشف النقاب عنه في الصحيفة يوم الجمعة الفائت في إطار التقرير الذي كتبه محللها السياسي شمعون شيفر [وقد أورد فيه أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع وزير الدفاع إيهود باراك أجريا، في خريف 2010، بوساطة أميركية، مفاوضات غير مباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الجانبين، وذلك على أساس موافقة إسرائيل على الانسحاب من هضبة الجولان وإعادتها إلى السيادة السورية، وأشار إلى أن فحوى ما اقترحه نتنياهو تمثل في الانسحاب إلى خط الحدود المسمى "خط 4 حزيران/ يونيو 1967"، أي حتى خط المياه المحاذي لبحيرة طبرية، وإلى أن هذه المفاوضات توقفت في بداية سنة 2011 بسبب اندلاع الانتفاضة الشعبية في سورية]. وقد جرى هذا الفصل الجديد في شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2011، أي بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في سورية، وذلك بعلم إسرائيل وموافقتها.

·       ومعروف أنه في إطار الفصل الأول قام الدبلوماسي الأميركي فريد هوف، بضوء أخضر من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، بجهود وساطة للتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسورية على أساس موافقة إسرائيل على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان، وذلك بعلم كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع. وقد عيّن نتنياهو مبعوثه الخاص المحامي يتسحاق مولخو مندوباً عنه، بينما عين باراك سكرتيره العسكري مايك هيرتسوغ مندوباً عنه. غير أن هذه الجهود توقفت في بداية سنة 2011 نظراً إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يبد اهتماماً باستمرارها.

·       ويتبين الآن أن تلك الجهود جاءت بالتزامن مع تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل وسورية، ووفقاً لما نُشر في وسائل الإعلام الأجنبية فإن السبب الرئيسي لذلك يعود إلى المخاوف الكبيرة التي انتابت إسرائيل في ذلك الوقت من أن تقوم سورية بنقل أسلحة كيماوية ووسائل قتالية متطورة من ترسانتها إلى حزب الله في لبنان، وإزاء هذا خشيت وزارة الخارجية الأميركية من احتمال اندلاع مواجهة إقليمية، ويبدو أنه كانت هناك مصلحة لدى إسرائيل في خفض حدة هذا التوتر ولذا وافق نتنياهو وباراك على جهود الوساطة التي قام بها هوف.

·       أمّا الفصل الآخر من جهود الوساطة تلك، فقد بدأ في شباط/ فبراير 2011 واستمر حتى آذار/ مارس 2011، وفي إطاره قام مبعوثون أميركيون بزيارات لدمشق عرضوا خلالها على الرئيس الأسد استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بواسطة تقديمه مبادرات حسن نية، مثل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط [الذي كان أسيراً لدى حركة "حماس" في قطاع غزة]، أو إعادة بقايا جثة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين إلى إسرائيل، وشدد المبعوثون الأميركيون على أن استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى وقف موجة التظاهرات الآخذة في التصاعد في سورية.

·       غير أن الرئيس السوري رفض في نهاية المطاف الانخراط في هذه الجهود، وعلى ما يبدو كان مقتنعاً في ذلك الوقت بأنه ليس بحاجة إلى أي مساعدة من الخارج لكبح الانتفاضة الشعبية التي كانت في بدايتها.

·       ولا بد من القول إن سورية لا تشكل في الوقت الحالي تهديداً عسكرياً مباشراً على إسرائيل، لكن وفقاً للتقديرات السائدة في إسرائيل يمكن أن تشكل تهديداً كهذا في المستقبل. ويبدو أن أكثر ما تهتم إسرائيل به في الآونة الأخيرة هو مراقبة المصير الذي ستؤول إليه ترسانة الأسلحة السورية، نظراً إلى خشيتها من أن تنتقل أجزاء من هذه الترسانة إلى يد حزب الله أو منظمات "إرهابية" أخرى. فضلاً عن ذلك فإن سورية أصبحت الآن أكثر ارتباطاً بإيران من شتى النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية، بل وحتى النفسية، وبالتالي فإن رهن أي مفاوضات غير مباشرة معها بقطع علاقاتها الخاصة مع إيران أصبح شبه مستحيل.