من المتوقع أن يلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم (الأربعاء) خطابًا في الأمم المتحدة في مناسبة افتتاح دورتها السنوية وعشية مناقشة المبادرة الفلسطينية الرامية إلى نيل اعتراف دولي بإقامة دولة مستقلة من جانب واحد، يعلن فيه أنه يؤيد إقامة دولة كهذه في حدود 1967 مع تعديلات حدودية طفيفة، لكن فقط كمحصلة مفاوضات مباشرة [بين إسرائيل والفلسطينيين]. كذلك من المتوقع أن يدعو أوباما الفلسطينيين إلى الامتناع من اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب، وإلى استئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وإلى أن تكون هذه المفاوضات في حال استئنافها قصيرة وجوهرية، وربما سيدعو الفلسطينيين أيضًا إلى الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية بناء على طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وسيصل نتنياهو بعد ظهر اليوم (الأربعاء) إلى نيويورك لتعزيز الجهود الكبيرة التي يبذلها الأميركيون ومندوبو إسرائيل من أجل منع حصول الفلسطينيين على أغلبية في مجلس الأمن الدولي تدعم مبادرتهم. وسيلتقي فور وصوله رئيس الحكومة البرتغالية بيدرو كفـالو لمطالبته بالتصويت ضد المبادرة الفلسطينية، ثم سيجتمع لاحقًا بالرئيس أوباما لمناقشة الوسائل التي ما زال ممكنًا استخدامها لمنع تشكّل أغلبية كهذه قبل لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض [الفيتو].
وستستمر هذه الجهود حتى يوم بعد غد (الجمعة)، وذلك في موازاة ممارسة الضغوط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من أجل إقناعه بتجميد المبادرة.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في الوفد الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة لصحيفة "معاريف" إن عباس سيتلقى صفعة قوية في هذه المنظمة الدولية، لأنه حتى في حال توفر أغلبية مؤيدة للمبادرة الفلسطينية في مجلس الأمن فإن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض، الأمر الذي سيتسبب بخسارته مبلغ نصف مليار دولار هو حجم المساعدات الأميركية السنوية إلى السلطة الفلسطينية.
على صعيد آخر علمت صحيفة "معاريف" أنه في إطار جهود اللحظة الأخيرة جرت محاولة للتوصل إلى صفقة سياسية مع عباس، حيث عُقد في بداية الأسبوع الحالي لقاء في واشنطن بين وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، اقترح الأول خلاله تجميد الاستيطان [في المناطق المحتلة] نصف عام آخر في مقابل تنازل الفلسطينيين عن مبادرة إقامة الدولة المستقلة. وقال الناطق بلسان وزير الدفاع للصحيفة إن "عشرات الاقتراحات طُرحت في أثناء اللقاءات المتعددة التي عقدها باراك في الولايات المتحدة".
ومن المتوقع أن يعود وزير الدفاع إلى إسرائيل اليوم (الأربعاء) للإشراف على عملية مواجهة الأحداث التي من المتوقع أن تندلع في المناطق [المحتلة] في إثر التصويت على المبادرة الفلسطينية في الأمم المتحدة سواء من جانب الفلسطينيين أو من جانب المستوطنين.
وكان رئيس الحكومة نتنياهو قد عقد قبيل مغادرته إسرائيل مساء أمس (الثلاثاء) لقاء موسعًا في مقر الكنيست في القدس مع أعضاء كتلة الليكود البرلمانية ومع عدد من رؤساء السلطات المحلية من حزب الليكود أكد فيه أنه ذاهب إلى الأمم المتحدة كي يدافع عن حقوق إسرائيل وحاجاتها ومصالحها الحيوية، مشددًا على أن منطقة الشرق الأوسط "تشهد تحولات كبيرة، وأن أي تسوية متسرعة أو أحادية الجانب يمكن أن تعرض إسرائيل كلها لخطر إطلاق الصواريخ".
وأضاف نتنياهو: "من المهم أن نعرض وضعنا الحقيقي على الأمم المتحدة، وفحواه أننا شعب تعرض للهجوم مرة تلو الأخرى من جانب الذين يعارضون وجوده، وأننا على الرغم من ذلك ما زلنا نمدّ يدنا إلى السلام، غير أن هذا السلام لا بُد من أن يمر عبر طريق المفاوضات المباشرة لا عبر قرارات أحادية الجانب في الأمم المتحدة، وإسرائيل على استعداد لإجراء مفاوضات كهذه في حين أن الفلسطينيين يمتنعون من إجرائها".
وقالت وزيرة الثقافة والرياضة ليمور ليفنات في اللقاء إن "دولا كثيرة في العالم بدأت تدرك أن الربيع العربي هو مجرد خريف، وأن الفلسطينيين يرفضون السلام".
أمّا وزير التربية والتعليم جدعون ساعر فوجّه انتقادات حادّة إلى حزب كاديما مطالبًا إياه بإبداء قدر من المسؤولية الوطنية كما فعل حزب الليكود في الكنيست السابق.
هذا واستمرت الرباعية الدولية (التي تضم كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) أمس (الثلاثاء) في بذل جهودها من أجل التوصل إلى الاتفاق على إعلان بيان مشترك يدعو إلى استئناف المفاوضات، ويؤدي إلى كبح المبادة الفلسطينية في الأمم المتحدة. غير أن مصادر دبلوماسية مطلعة أكدت لصحيفة "معاريف" أن احتمال نجاح هذه الجهود يتضاءل من يوم إلى آخر، مشددة على أن روسيا لا تبدي استعداداً للموافقة على أي صيغة يعارضها الفلسطينيون.